الفترات الزمانية الطويلة التي تتعاقب فيما بينها ، المتسلسلة بلا نهاية ، فكلما تنتهي فترة تحل محلها اخرى ، وهكذا.
وقد جاء في إحدى الرّوايات ... إنّ الآية جاءت في المذنبين من أهل الجنّة ، الذين يقضون فترة في جهنّم يتطهّرون فيها ثمّ يدخلون الجنّة ، وليست واردة في الكافرين المخلدين في النّار (١).
وتشير الآيات ـ بعد ذلك ـ إلى جانب صغير من عذاب جهنّم الأليم ، بالقول : (لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً).
(إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً) ، إلّا ظلّ من الدخان الغليظ الخانق كما أشارت إلى ذلك الآية (٤٣) من سورة الواقعة : (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ).
«الحميم» : هو الماء الحار جدّا ، و «الغسّاق» : هو ما يقطر من جلود أهل النّار من الصديد والقيح ، وفسّرها بعضهم بالسوائل ذات الروائح الكريهة.
في حين أنّ أهل الجنّة يسقيهم ربّهم جلّ شأنه بالأشربة الطاهرة ، كما جاء في الآية (٢١) من سورة الدهر : (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً) ، حتى الأواني التي يشربون بها وعلى ما لها من الرونق فهي مختومة بالمسك ، كما أشارت لذلك الآية (٢٦) من سورة المطففين : (خِتامُهُ مِسْكٌ) .. فانظر لعقبى الدارين!
ولكن ، لم هذا العذاب الأليم؟ فتأتي الآية التالية : إنّما هو : (جَزاءً وِفاقاً) (٢).
ولم لا يكون كذلك .. وقد أحرقوا في دنياهم قلوب المظلومين ، وتجاوزوا بتسلطهم وظلمهم وشرّهم على رقاب الناس دون أن يعرفوا للرحمة معنى ، فجزاهم يناسب ما اقترفوا من ذنوب عظام.
وكما قلنا مرارا ، إنّ الآيات القرآنية حينما تشير إلى عقوبات يوم القيامة ، إنّما تطرحها كجزاء لما اقترفت أيدي الناس بظلمهم ، كما نقرأ في الآية (٧) من سورة
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٤٩٤ ، ح ٢٣ و٢٦.
(٢) «جزاء» : مفعول مطلق لفعل محذوف تظهره قرينة الكلام ، «وفاقا» : صفة الجزاء ، والتقدير : يجازيهم جزاء ذا وفاق!