فقد جاء القسم به سبع مرات! ولمّا كان القسم بشيء دليل على أهميته ، فهذا يعني أنّ للّيل أهميّة بالغة.
الأشخاص الذين يضيئون الليل بأنوار صناعية ويسهرون ليلهم ويقضون نهارهم بالنوم ، هم أناس غير طبيعيين ، وترى علامات الكسل والخمول بادية عليهم. في حين نرى القرويين أكثر صحة من أهل المدن وأسلم بدنا وحواسا ، لأنّهم ينامون بعد حلول الليل بقليل ويستيقظون مبكرا.
ومن منافع الليل الجانبية أنّ فيه (وقت السحر) الذي هو أفضل أوقات الدعاء والصلاة ومناجاة الباري جلّ شأنه لتربية وتزكية النفوس ، كما تصف الآية (١٨) من سورة الذاريات عبّاد الليل : (وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (١).
والنهار بنوره الفياض نعمة ربانية عظيمة ، حيث يدفع الإنسان ليتحرك ويسعى لبناء حياته ومجتمعه ، وبالنور تنمو النباتات ، وتمارس الحيوانات شؤون حياتها وحقّا قال الباري : (وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً) ، بما لا يدع مجالا للتفصيل والشرح.
وخاتمة المقال : إنّ تعاقب الليل والنهار وما فيهما من نظام دقيق آية بيّنة من آيات خلقه سبحانه وتعالى ، إضافة إلى أنّه تقويم طبيعي لتفصيل الزمن في حياة الإنسانية على مرّ التاريخ.
وتأتي الآية التالية لتنقلنا من عالم الأرض إلى عالم السماء حين تقول : (وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً).
قد يراد من العدد المذكور بالآية «الكثرة» ، للإشارة إلى كثرة الأجرام السماوية والمنظومات الشمسية والمجرات والعوالم الواسعة لهذا الوجود ، والتي تتمتع بخلق محكم وبناء رصين لا خلل فيه .. ويمكن أن يراد منه العدد ، للإشارة
__________________
(١) راجع بحوثنا حول أسرار الليل والنهار ، ونظام النور والظلمة في ذيل الآيات (٧١ ـ ٧٣) من سورة القصص ، في ذيل الآية (٤٧) من سورة الفرقان ، في ذيل الآية (١٨) من سورة الذاريات.