والحال أنّ المجرمين كما علم من الآيات السابقة هم في ظل الشرر وحرقة الدخان المميت.
(ظلال) : جمع «ظل» سواء كان ظلا كظل الأشجار في النهار ، أو الظل الحاصل من ظلام الليل ، والحال أنّ «الفيء» يقال فقط للظل الحاصل من النور ، كظل الأشجار المقابل للشمس.
ثمّ يضيف : (وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ).
من الواضح أنّ ذكر «الفواكه» و «الظلال» و «العيون» إشارة إلى جانب من المواهب الإلهية العظيمة المعطاة إلى أهل الجنان .. جانب يمكن بيانه ورسمه بلسان أهل الدنيا ، وأمّا ما لا يمكن حصره بالبيان ، ولم يخطر ببال أهل الدنيا فهو أعلى من هذه المراتب وأفضل.
والظريف أنّهم في هذا المضيف الإلهي يستضافون بأحسن الوجوه ، كما هو الحال في الآية التالية إذ يقول لهم : (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) هذه الجملة سواء كانت خطابا من الله بشكل مباشر ، أو بوسيلة الملائكة تقال لهم مشفوعة باللطف والمحبّة التي هي غذاء لروحهم.
وعبارة (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) إشارة إلى أنّ هذه المواهب لا تعطى لأيّ كان من دون عمل ، ولا يمكن حصولها بالادعاء والتخيل والتصور ، وإنّما يمكن نيلها والحصول عليها بالأعمال الصالحة فقط.
(هنيء) : على وزن (صبيح) ويقول الراغب في مفرداته : هو كل شيء ليست فيه مشقة ولا يستتبعه قلق ، ولذا يقال للماء والغذاء السائغ (هنيء) ، ويطلق أحيانا على الحياة السعيدة.
وهذا إشارة إلى أنّ فواكه الجنّة وأغذيتها وأشربتها ليست كأغذية الدنيا وأشربتها التي تترك أحيانا آثارا سيئة في البدن ، أو تترك أعراضا غير مرضية.
وهناك اختلاف بين المفسّرين في أنّ هذه الآية تبيان لإباحة الاستفادة من