إمكان معرفتهم لها.
وهذا في
الحقيقة كمن يسلم رسالة بيد شخص ما ليوصلها إلى آخر ، ويمكن القول هنا : إنّ الشخص
الموصل لها لا يعلم بمحتوى الرسالة ، ولكن يمكنه فتحها والتعرف على ما فيها إذا ما
حصل على الموافقة على قراءتها ، ففي هذه الصورة يمكن القول على أنّه عالم بمحتوى
الرسالة ، وربّما لا يسمح له ذلك.
والدليل على
هذا الجمع هو ما نقرأه في الرّوايات المنقولة في كتاب الكافي للكليني رحمهالله في باب (أنّ الأئمّة إذا شاءوا أن يعلموا اعلموا) ومنها
في حديث ورد عن الإمام الصّادق عليهالسلام قال : «إذا أراد الإمام أن يعلم شيئا أعلمه الله ذلك».
وهذا الوجه من
الجمع يمكن أن يحلّ الكثير من المشاكل المتعلقة بعلم النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام ، منها أنّهم كانوا يتناولون مثلا الغذاء المسموم في
حين أن تناول ما يؤدي بالإنسان إلى الهلاك غير جائز ، فكيف يكون ذلك؟ فلهذا يجب
القول : إنّ في مثل هذه الموارد ما كان يسمح لهم معرفة أسرار الغيب.
وهكذا تقتضي
المصلحة أحيانا في ألّا يتعرّف النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو الإمام على أمر من الأمور ، أو يعرض إلى اختبار
ليتكامل بتجاوزه مرحلة الاختبار ، كما جاء في قصّة ليلة المبيت عند ما بات الإمام
علي عليهالسلام في فراش النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو لا يعلم هل أنّ الإمام عليهالسلام سوف ينجو من المشركين عند ما يهجمون على أم يستشهد ،
فالمصلحة هنا تقتضي ألّا يعلم الإمام عاقبة هذا الأمر ليتحقق الاختبار الإلهي ،
وإذا كان الإمام بنجاته عند هجوم القوم عليه لم يكن له حينئذ أيّ ، ولم يكن ما ذكر
في الآيات الكريمة والرّوايات في أهمية هذا الإيثار محل من الاعراب.
نعم ، إنّ
مسألة العلم الإرادي هي جواب لكلّ هذه الإشكالات.
٥ ـ هناك طريق
آخر أيضا لجمع الرّوايات المختلفة في علم الغيب (وإن كان
__________________