وما وصلنا من روايات عن أهل البيت عليهمالسلام يؤكّد أيضا أنّ المراد من «حقّ معلوم» شيء غير الزكاة الواجبة. إذ نقرأ حديثا عن الإمام الصادق عليهالسلام يقول (١) : «لكنّ الله عزوجل فرض في أموال الأغنياء حقوقا غير الزكاة فقال عزوجل (وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ) ، فالحقّ المعلوم غير الزكاة وهو شيء يفرضه الرجل على نفسه في ماله ... إن شاء في كلّ يوم وإن شاء في كلّ جمعة وإن شاء في كلّ شهر».
وفي هذا المجال أحاديث متعدّدة أخر منقولة عن الإمام علي بن الحسين والإمام الباقر والإمام الصادق أيضا (٢).
وهكذا فإنّ تفسير الآية واضح بيّن.
وهناك كلام في الفرق بين «السائل» و «المحروم» ، فقال بعضهم «السائل» هو من يطلب العون من الناس ، أمّا «المحروم» فمن يحافظ على ماء وجهه ويبذل قصارى جهده ليعيش دون أن يمدّ يده إلى أحد ، أو يطلب العون من أحد ، بل يصبّر نفسه.
وهذا هو ما يعبّر عنه بالمحارف ، لأنّه قيل في كتب اللغة في معنى «المحارف» بأنّه الشخص الذي لا ينال شيئا مهمّا سعى وجدّ فكأنّ سبل الحياة مغلقة بوجهه!
وعلى كلّ حال ، فهذا التعبير يشير إلى هذه الحقيقة وهي لا تنتظروا أن يأتيكم المحتاجون ويمدّوا أيديهم إليكم ، بل عليكم أن تبحثوا عنهم وتجدوا الأفراد المحرومين الذين يعبّر عنهم القرآن بأنّهم (يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ) (٣) ..
لتساعدوهم وتحفظوا ماء أوجههم ، وهذا دستور مهم لحفظ حيثية المسلمين المحرومين وينبغي الاهتمام به.
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ٦ ، ص ٧٢ باب ما تجب فيه الزكاة الباب السابع الحديث الثاني.
(٢) وسائل الشيعة ، ج ٦ ، ص ٢٧ أبواب ما تجب فيه الزكاة الباب السابع الحديث ٣.
(٣) سورة البقرة ، الآية ٢٧٣.