ثانيا : القرآن والطهارة
نقرأ في القرآن الكريم قوله تعالى : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) وقلنا : إنّ المسّ يفسّر بالمسّ الظاهري وبالمعنوي كذلك ، ولا تضادّ بينهما ، وهما مجموعان في المفهوم الكلّي للآية.
وفي القسم الأوّل نقلت روايات لأهل البيت عليهمالسلام عن أبي الحسن الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام أنّه قال : (المصحف لا تمسّه على غير طهر ، ولا جنب ولا تمسّ خطّه ولا تعلّقه ، إنّ الله تعالى يقول : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) (١).
ونقل نفس المعنى في حديث آخر عن الإمام الباقر عليهالسلام مع اختلاف مختصر (٢).
وجاء في مصادر أهل البيت عليهمالسلام من طرق مختلفة أنّ الرّسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «لا يمسّ القرآن إلّا الطاهر» (٣).
وحول اللمس المعنوي نقل عن ابن عبّاس عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «إنّه لقرآن كريم في كتاب مكنون» قال : «عند الله في صحف مطهّرة» (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) قال : «المقرّبون» (٤).
وهذا المعنى يمكن الاستدلال عليه بواسطة العقل أيضا ، لأنّه رغم ، أنّ القرآن الكريم هو كتاب هداية لعموم الناس ، ولكنّنا نعلم أنّ الكثير ممّن سمعوا القرآن من فم النّبي الأكرم ، ورأوا هذا الماء الزلال في عين الوحي الصافية ، إلّا أنّهم بسبب تلوّثهم بالعصبية والعناد والغرور لم يؤثّر فيهم أي تأثير ولم ينتفعوا به أقلّ انتفاع ، وهناك أشخاص اهتدوا به لمجرّد أنّهم سعوا ولو قليلا لتطهير أنفسهم وتهذيبها
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ١ ، ص ٢٦٩ ، الحديث (٣) وطبقا لهذا الحديث فإنّ النفي في الآية أعلاه كناية عن النهي.
(٢) وسائل الشيعة ، ج ١ ، ص ٢٧٠ ، الحديث ٥.
(٣) نقل هذا الحديث في الدرّ المنثور عن عبد الله بن عمر ومعاذ بن جبل وابن حزم الأنصاري عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ج ٩ ، ص ١٦٢.
(٤) الدرّ المنثور ، ج ٦ ، ص ١٦٢.