٤ ـ تأريخ وقوع هذه المعجزة :
من الواضح أنّه لا خلاف بين المفسّرين ورواة الحديث حول حدوث ظاهرة شقّ القمر في مكّة وقبل هجرة الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لكن الذي يستفاد من بعض الرّوايات هو أنّ حدوث هذا الأمر كان في بداية بعثة الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (١). في حين يستفاد من البعض الآخر أنّ حدوث هذا الأمر قد وقع قرب هجرة الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وفي آخر عهده بمكّة ، وكان استجابة لطلب جماعة قدموا من المدينة لمعرفة الحقّ وأتباعه ، إذ أنّهم بعد رؤيتهم لهذه المعجزة آمنوا وبايعوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في العقبة (٢).
ونقرأ في بعض الرّوايات أيضا أنّ سبب اقتراح شقّ القمر كان من أجل المزيد من الاطمئنان بمعاجز الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنّها لم تكن سحرا لأنّ السحر عادة يكون في الأمور الأرضية (٣). ومع ذلك فإنّ قسما من المتعصّبين والمعاندين لم يؤمنوا برغم مشاهدتهم لهذا الإعجاز ، وتتعلّلوا بأنّهم ينتظرون قوافل الشام واليمن ، فإنّ أيّدوا هذا الحادث ورؤيتهم له آمنوا ... ومع إخبار المسافرين لهم بذلك ، إلّا أنّهم بقوا مصرّين على الكفر رافضين للإيمان (٤).
والنقطة الأخيرة الجديرة بالذكر أنّ هذه المعجزة العظيمة والكثير من المعاجز الاخرى ذكرت في التواريخ والرّوايات الضعيفة مقترنة ببعض الخرافات والأساطير ، ممّا أدّى إلى حصول تشويش في أذهان العلماء بشأنها ، كما في نزول قطعة من القمر إلى الأرض. لذا فإنّ من الضروري فصل هذه الخرافات وعزلها بدقّة وغربلة الصحيح من غيره ، حتّى تبقى الحقائق بعيدة عن التشويش ومحتفظة بمقوّماتها الموضوعية.
* * *
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ١٧ ، ص ٣٥٤ حديث (٨).
(٢) بحار الأنوار ، ج ١٧ ، ص ٣٥٢ حديث (١).
(٣) بحار الأنوار ، ج ١٧ ، ص ٣٥٥ حديث (١٠).
(٤) الدرّ المنثور ، ج ٦ ، ص ١٢٣.