الله ، فإنّه مصون من كلّ تحريف وخطأ واشتباه.
وفي ثالث وصف له يقول سبحانه : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) (١).
ذكر الكثير من المفسّرين ـ تماشيا مع بعض الرّوايات الواردة عن الأئمّة المعصومين ـ بعدم جواز مسّ (كتابة) القرآن الكريم بدون غسل أو وضوء.
في الوقت الذي اعتبر بعض آخر أنّها إشارة إلى الملائكة المطهّرين الذين لهم علم بالقرآن ، ونزلت بالوحي على قلب الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في مقابل قول المشركين الذين كانوا يقولون : إنّ هذه الكلمات قد نزلت بها الشياطين على محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
كما اعتبر بعضهم أنّها إشارة إلى أنّ الحقائق والمفاهيم العالية في القرآن الكريم لا يدركها إلّا المطهّرون ، كما في قوله تعالى : (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ). (٢)
وبتعبير آخر فإنّ طهارة الروح في طلب الحقيقة تمثّل حدّا أدنى من مستلزمات إدراك الإنسان لحقائق القرآن ، وكلّما كانت الطهارة والقداسة أكثر كان الإدراك لمفاهيم القرآن ومحتوياته بصورة أفضل.
إنّ التفاسير الثلاثة المارّة الذكر لا تتنافى مع بعضها البعض أبدا ويمكن جمعها في مفهوم الآية مورد البحث.
وفي رابع وآخر وصف للقرآن الكريم يقول تعالى : (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٣) إنّ الله المالك والبارئ لجميع الخلق ، قد نزّل هذا القرآن لهداية البشر ، وقد أنزله سبحانه على قلب النّبي الطاهر ، وكما أنّ العالم التكويني صادر منه وهو تعالى ربّ العالمين فكذلك الحال في المجال التشريعي ، فكلّ نعمة وهداية فمن ناحيته ومن عطائه.
__________________
(١) «لا يمسّه» جملة خبرية يمكن أن تكون بمعنى النهي أو النفي.
(٢) البقرة ، ٢.
(٣) تنزيل هنا مصدر بمعنى اسم مفعول أي (منزل) وهو خبر لمبتدأ محذوف ، أو أنّه خبر بعد خبر.