لإثبات النسب الباطلة ضدّه على أيدي أعدائه ويصرخون : ألم نقل كذا وكذا!!
ولكن حين ينال الانتصار وتحظى مناهجه وخططه بالموفقية فإنّ تلك النسب تمضي كما لو كانوا قد رقموا على الماء!! وتتبدّل جميع أقوالهم إلى حسرات وندامة ويقولون عندئذ لم نكن نعلم!
وخاصّة في شأن النّبي محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم كانت هذه التصوّرات والذنوب التي وصموها به كثيرة!! إذ عدّوه باغيا للحرب والقتال ومثيرا لنار الفتنة معتدا بنفسه لا يقبل التفاهم وما إلى ذلك!
وقد كشف صلح الحديبيّة أنّ مذهبه على خلاف ما يزعمه أعداؤه إذ كان مذهبا «تقدّميا» إلهيا .. وكان آيات قرآنه ضامنة لتربية النفوس الإنسانية وطاوية لصحائف الظلم والاضطهاد والحرب والنزيف الدموي!.
فهو يحترم كعبة الله وبيته العتيق ولا يهاجم أية جماعة أو قبيلة دون سبب ، فهو رجل منطقيّ ويعشقه اتباعه ، ويدعو جميع الناس بحقّ إلى محبوبهم «الله» وإذا لم يضطره أعداؤه إلى الحرب فهو داعية للسلام والصلح والدعة! ..
وعلى هذا فقد غسل صلح الحديبيّة جميع الذنوب التي كانت قبل الهجرة وبعد الهجرة قد نسبت إلى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو جميع الذنوب التي نسبت إليه قبل هذا الحادث أو ستنسب إليه في المستقبل احتمالا ... وحيث أنّ الله جعل هذا الفتح نصيب النّبي فيمكن أن يقال أن الله غفر للنبي ذنوبه جميعا.
والنتيجة أنّ هذه الذنوب لم تكون ذنوبا حقيقية أو واقعية بل كانت ذنوبا تصورية وفي أفكار الناس وظنّهم فحسب ، وكما نقرأ في الآية (١٤) من سورة الشعراء في قصة موسى قوله مخاطبا ربّه (وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) في حين أنّ ذنبه لم يكن سوى نصرة المظلوم من بني إسرائيل وسحق ظلم الفراعنة لا غير!.
وبديهي أنّ هذا الفعل لا يعدّ ذنبا ، بل دفاع عن المظلومين ولكنّه كان يعدّ ذنبا