بالإيمان بل الله يمن عليهم أن هداهم للإيمان (١).
ولكنّ وجود شأن النزول هذا لا يمنع من عمومية مفهوم الآية.
التّفسير
الفرق بين الإسلام والإيمان :
كان الكلام في الآية المتقدّمة على معيار القيم الإنسانية أي التقوى ، وحيث أنّ التقوى ثمرة لشجرة الإيمان الإيمان النافذ في أعماق القلوب ، ففي الآيتين الآنفتين بيان لحقيقة الإيمان إذ تقول الآية الأولى : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ).
وطبقا لمنطوق الآية فإنّ الفرق بين «الإسلام» و «الإيمان» في أنّ : الإسلام له شكل ظاهري قانوني ، فمن تشهد بالشهادتين بلسانه فهو في زمرة المسلمين وتجري عليه أحكام المسلمين.
أمّا الإيمان فهو أمر واقعي وباطني ، ومكانه قلب الإنسان لا ما يجري على اللسان أو ما يبدو ظاهرا!
الإسلام ربّما كان عن دوافع متعدّدة ومختلفة بما فيها الدوافع الماديّة والمنافع الشخصية ، إلّا أنّ الإيمان ينطلق من دافع معنوي ، ويسترفد من منبع العلم ، وهو الذي تظهر ثمرة التقوى اليانعة على غصن شجرته الباسقة!
وهذا ما أشار إليه الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم في تعبيره البليغ الرائع : «الإسلام علانية والإيمان في القلب» (٢).
كما إنّا نقرأ حديثا آخر عن الإمام الصادق يقول فيه : الإسلام يحقن الدم
__________________
(١) تفسير الميزان وروح البيان وفي ظلال القرآن ، ذيل الآيات محل البحث.
(٢) مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ١٣٨.