تعالى : (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (١).
وبذلك فإنّ المؤمنين الطاهرين الصالحين يتمتّعون بأنواع المواهب المادية والمعنوية في الجنان الخالدة ، وفي جوار رحمة الله.
ولنر الآن ماذا سيكون مصير الفريق المقابل للمؤمنين ، أي الكفار؟
تقول الآية متابعة لحديثها : (كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ) (٢).
«الأمعاء» جمع «معي» ـ على وزن سعي ـ و «معا» ـ على وزن غنا ـ وتطلق أحيانا على كلّ ما في البطن ، وتقطيعها إشارة إلى شدّة حرارة هذا الشراب الجهنّمي المرعب ، وقوّة إحراقه.
* * *
ملاحظات
١ ـ أنهار الجنّة الأربعة
يستفاد من آيات القرآن المجيد جيدا أنّ في الجنّة أنهارا وعيونا مختلفة ، ولكلّ منها فائدة ولذّة خاصّة ، وقد ورد ذكر أربعة نماذج منها في الآية المذكورة ، وستأتي نماذج أخرى في سورة الدهر ، وسنذكرها في تفسيرها ، إن شاء الله تعالى.
إنّ التعبير بـ «الأنهار» في شأن هذه الأنواع الأربعة ، يوحي بأنّ كلا منها ليس نهرا واحدا ، بل أنهار عديدة.
لقد قلنا مرارا : إنّ نعم الجنّة ليست بالشيء الذي يمكن التحدّث عنه بألفاظ محادثاتنا اليومية في حياتنا الدنيا ، فإنّ هذه الألفاظ قاصرة عن أن تجسدها
__________________
(١) سورة المائدة ، ١١٩.
(٢) لقد وردت أبحاث كثيرة في تركيب هذه الآية أيضا ، والأنسب منها جميعا أنّ للآية تقديرا هو : أفمن هو خالد في الجنّة التي هذه صفاتها كمن هو خالد في النّار؟