وعلى هذا فإذا أردتم الخير والبركة فاطلبوها منه لا من الأصنام ، فإن مصائركم إليه يوم القيامة ، وهو المرجع الوحيد لكم ، وبيده كل شيء ، وليس للأصنام والآلهة أي دور في هذه الأمور.
* * *
ملاحظات
١ ـ لقد تكررت (السماوات والأرض) في هذه الآيات ثلاث مرات : مرّة لبيان كون الله ربّا ومدبرا لهما ، وأخرى في كونه إلها فيهما ، وثالثة في كونه مالكا وحاكما ، وهذه الأمور الثلاثة مترابطة ببعضها ، وهي في الحقيقة علة ومعلول لبعضها البعض ، فهو مالك ، ولذلك فهو ربّ ، وهو في النتيجة إله. ووصفه بالحكيم والعليم إكمال لهذه المعاني.
٢ ـ يستفاد من بعض الرّوايات الإسلامية أن تعبير الآيات المذكورة بـ (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) كان قد أصبح وسيلة لبعض الزنادقة والمشركين لإثبات مدعاهم ، وكانوا يفسّرون الآية ـ حسب سفسطتهم ـ بأن في السماء إلها ، وفي الأرض إلها آخر غيره ، في حين أنّ الآية تقول بعكس ذلك ، فهي تقول : إنّه الإله الذي يعبد في السماء وفي الأرض ، أي إنّه تعالى هو المعبود في كل مكان.
ومع ذلك ، فإنّ الزنادقة عند ما كانوا يطرحون هذا المطلب كسؤال أمام الأئمّة المعصومين ، فإنّهم عليهمالسلام كانوا يجيبونهم على طريقة النقض والحل :
فمن جملة ذلك ما ورد في الكافي عن هشام بن الحكم ، أنّه قال : قال أبو شاكر الديصاني (١) : إن في القرآن آية هي قولنا ، قلت : ما هي؟ قال : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ
__________________
(١) كان أبو شاكر الديصاني أحد علماء فرقة الديصانية ، الذين كانوا يعتقدون بعبادة إلهين ، ويقولون بإله النور وإله الظلمة. (لغت نامه دهخدا مادة ديصان).