منه ويكونوا من أتباعه بعد طرد أولئك الفقراء ...
ولكن المسؤولية الملقاة على عاتقي هي أن أنذر الناس فحسب (إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ).
فمن سمع إنذاري وعاد إلى الصراط المستقيم بعد ضلاله ، فهو من أتباعي كائنا من كان ، وفي أي مستوى طبقي ومقام اجتماعي أو مادي!
وممّا ينبغي الالتفات إليه أن هذا الإيراد لم يتعرّض له نوح النّبي الذي هو أول الرسل من أولي العزم فحسب ، بل ووجه الى النّبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وسائر الأنبياء به ، فالأغنياء كانوا ينظرون بنظاراتهم الفكرية السوداء شخصيات هؤلاء الفقراء البيضاء ، فيرونها سوداء ، فيطلبون طردهم دائما. ولم يقبلوا بربّ ولا نبي يتبعه مثل هؤلاء العباد الفقراء! ...
إلّا أنه ما أعذب وأحلى تعبير القرآن عنهم في سورة الكهف ، إذ يقول : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً).
وهذا الإيراد أو الإشكال يوردونه حتى على قادة الحق والأدلّاء على الهدى في كل عصر وزمان ، وهو أن معظم أتباعكم المستضعفون! أو الحفاة الجائعون.
إنّهم يريدون أن يعيبوا بكلامهم هذا الرسالة والمذهب ، مع أنّهم من حيث لا يشعرون ، يمدحون ويطرون ذلك المذهب ويوقّعون على أصالته.
* * *