وتحدد الآية التالية وضع الذين يتهمون الناس بالباطل في ساحة العدل الإلهي ، قائلة (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ).
تدور ألسنتهم بما لا تشتهي أنفسهم لتستعرض الحقائق. وعند ما يجد المجرمون الدلائل والشواهد العينية على ما اقترفوه من أعمال إجرامية ، تراهم يعرفون بذنوبهم ويفضحون أمرهم خلافا لرغبتهم الباطنية ، حيث لا ينفع في ذلك اليوم إنكارهم للتهم الموجهة إليهم.
وتشهد أيديهم وأرجلهم ، وكما ذكرت الآيات القرآنية : تنطق جلودهم وكأنّها شريط مسجّل ، تنطق بما اقترف صاحبها من ذنوب ، حيث رسمت آثار الجرائم عليها طوال عمره ، حقا إنّه يوم البروز والافتضاح ، ويوم تنكشف فيه السرائر.
وإذا وجدنا في بعض آيات القرآن إشارة إلى يوم القيامة تذكر (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (١) فإنّه لا خلاف فيها مع هذا البحث ، إذ يمكن أن تتعطل الأفواه عن الكلام أولا ، فتشهد سائر أعضاء الجسم. وعندها تكشف الأيدي والأرجل الحقائق ، ينطق اللسان بما جرى ويعترف بالذنوب كلّها.
* * *
بحوث
١ ـ من هن الخبيثات ومن هم الخبيثون؟
ذكر المفسّرون تعاريف مختلفة لـ «الخبيثات» و «الخبيثون» و «الطيبات» و «الطيبون».
١ ـ قيل أنّ المراد هو الكلام السيء والتهمة والافتراء والكذب الصادر عن
__________________
(١) سورة يس ، الآية ٦٥.