بحوث
١ ـ تفسير عبارة (كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)
هناك اختلاف بين المفسّرين حول الذين أشارت إليهم الآية الشريفة من الذين استخلفوا في الأرض من قبل المسلمين.
البعض من المفسّرين يرى أنّهم آدم وداود وسليمان عليهمالسلام ، حيث قالت الآية (٣٠) من سورة البقرة حول آدم عليهالسلام (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) وفي الآية (٢٦) من سورة ص جاء بصدد داود عليهالسلام (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ).
وبما أنّ سليمان عليهالسلام ورث حكم داود عليهالسلام بمقتضى الآية (١٦) من سورة النمل فإنّه قد استخلف في الأرض.
لكن بعض المفسّرين ـ كالعلامة الطباطبائي في الميزان ـ استبعد هذا المعنى ورأى أنّ عبارة (الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) لا تناسب مقام الأنبياء. إذ أنّ القرآن المجيد لم ترد فيه هذه العبارة بخصوص الأنبياء. وإنّما هي إشارة إلى أمم خلت ، وكانت على درجة من الإيمان والعمل الصالح بحيث استخلفها الله في الأرض.
ويرى مفسرون آخرون أنّ هذه الآية إشارة إلى بني إسرائيل ، لأنّهم استخلفوا في الحكم في الأرض بعد ظهور موسى عليهالسلام وتدمير حكم فرعون والفراعنة ، حيث يقول القرآن المجيد في الآية (١٢٧) من سورة الأعراف (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها) ويضيف (وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) أي جعلناهم حكاما بعد أن استضعفوا في الأرض.
ولا شكّ في أنّه كان في بني إسرائيل ـ حتى في زمن موسى عليهالسلام ـ أشخاص عرفوا بفسقهم وكفرهم ، لكنّ الحكم كان بيد المؤمنين الصالحين ، (وبهذا يمكن دفع ما أشكل به البعض على هذا التّفسير) ويظهر أن التّفسير الثّالث أقرب إلى الصواب.