وحكي أنّه كان بين علي عليهالسلام وعثمان (وحسب رواية بين علي عليهالسلام والمغيرة بن وائل) منازعة في أرض اشتراها من علي عليهالسلام فخرجت فيها أحجار ، وأراد ردّها بالعيب ، فلم يأخذها فقال : بيني وبينك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فقال الحكم بن أبي العاص (وهو من المنافقين) : إن حاكمته إلى ابن عمّه يحكم له ، فلا تحاكمه إليه ، فنزلت الآيات واستنكرت عليه ذلك بشدّة ، وهو المروي عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام أو قريب منه (١).
التّفسير
الإيمان وقبول حكم الله :
تحدثت الآيات السابقة عن الإيمان بالله وعن دلائل توحيده وعلائمه في عالم التكوين ، بينما تناولت الآيات ـ موضع البحث ـ أثر الإيمان وانعكاس التوحيد في حياة الإنسان ، وإذعانه للحقّ والحقيقة.
تقول أوّلا : (لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ) آيات تنور القلوب بنور الإيمان والتوحيد ، وتزيد في فكر الإنسان نورا وبهجة ، وتبدّل ظلمات حياته إلى نور على نور. وطبيعي أنّ هذه الآيات المبينات تمهد للإيمان ، إلّا أنّ الهداية الإلهية هي صاحبة الدور الأساسي (وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
وكما نعلم فإنّ إرادة الله ومشيئته ليست دون حساب ، فهو سبحانه وتعالى يدخل نور الهداية إلى القلوب المستعدة لتقبله ، أي التي أبدت المجاهدة في سبيل الله وقطعت خطوات للتقرب إليه ، فأعانها على قدر سعيها في الوصول إلى لطفه سبحانه.
ثمّ استنكرت الآية الثّانية وذمّت مجموعة من المنافقين الذين يدّعون
__________________
(١) «مجمع البيان» وتفسير «روح المعاني» وتفسير «التبيان» وتفسير «القرطبي» وتفسير «الفخر الرازي» وتفسير «الصافي» وتفسير «نور الثقلين» (مع بعض التصرف).