على عمل مكروه). (١)
كما تبيّن هذه العبارة ضرورة عدم الاستئذان بالقدر الممكن. واتباع التضحية والإيثار حتى لا يتورطوا بارتكاب عمل تركه أولى كمغادرة الجماعة لعمل بسيط.
والوجه الثاني : يحتمل أنّه تعالى أمره بأن يستغفر لهم مقابلة لتمسّكهم بآداب الله تعالى في الاستئذان. (٢)
ولكن نرى عدم وجود تناقض بين هذين الوجهين ، كما أنّه من الطبيعي أن لا تخصّ هذه التعاليم التنظيمية الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه فقط. وإنّما هي واجبة الإتباع إزاء كلّ قائد إلهي ، سواء كان نبيا أم إماما أم عالما نائبا لهما ، حيث يتوقف مصير المسلمين على هذه الطاعة. كما يحتمه ـ إضافة إلى القرآن ـ العقل والمنطق ، لأنّ الاستمرار التنظيم يتوقف على رعاية هذه المبادئ ، ولا يمكن إدارة المجتمع بدونها.
والمدهش تفسير كبار مفسّري أهل السنة لهذه الآية بأنّها دليل على جواز الاجتهاد وتوقف الحكم على رأي المجتهد. ولا يخفى أنّ الاجتهاد المطروح في مباحث الأصول والفقه يخص الأحكام الشرعية ، ولا يتعلق بالاجتهاد في الموضوعات حيث أنّ الاجتهاد في الموضوع لا يقبل الإنكار ، فكل قائد جيش أو مدير دائرة أو مشرف على جماعة يجتهد في القضايا الإجرائية الخاصّة بدائرة عمله. وليس هذا دليلا على إمكان الاجتهاد في الأحكام الشرعية العامّة بإيجاب حكم بدعوى المصلحة العامّة ، أو نفي حكم أو تشريع آخر.
ثمّ بيّنت الآية التالية حكما آخر له علاقة بتعاليم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث
__________________
(١) التّفسير الكبير للفخر الرازي ، وروح المعاني ، وتفسير القرطبي للآيات موضع البحث.
(٢) التّفسير الكبير للفخر الرازي ـ في تفسيره للآية موضع البحث صفحة ٣٩ من طبعة دار الكتب العلمية بطهران ـ الطبعة الثّانية.