الميدان ، لظنك أن قد وقعت في زاوية ضيقة وحصار محكم ، بل لا بدّ من التوكل على الله ، وسوف تفشل كل الدسائس وتبطل مفعولها بقوة الإيمان والثبات والمثابرة والعقل والحكمة.
وآخر آية من سورة النحل تعرض الأمرين التاسع والعاشر ، حيث تقول :
٩ ـ (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا) :
التقوى في جميع أبعادها وبمفهومها الواسع ، ومنها : التقوى في مواجهة المخالفين بمراعاة أصول الأخلاق الإسلامية عند المواجهة ، فمع الأسير لا بدّ من مراعاة أصول المعاملة الإسلامية ، ومع المنحرف ينبغي مراعاة الإنصاف والأدب والتورع عن الكذب والاتهام ، وفي ميدان القتال لا بدّ من التعامل على ضوء التعليمات العسكرية وفق الموازين والضوابط الإسلامية ، فمثلا : ينبغي عدم الهجوم على العزل من الأعداء ، عدم التعرض للأطفال والنساء والعجزة ، ولا التعرض للمواشي والمزارع لأجل إتلافها ، ولا يقطع الماء على العدو ... وخلاصة القول : تجب مراعاة أصول العدل مع العدو والصديق (وطبيعي أن تخرج بعض الموارد عن هذا الحكم استثناء وليس قاعدة).
١٠ ـ (وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ).
أكّد القرآن الكريم في كثير من آياته البيّنات بأن يقابل المؤمن إساءة الجاهل بالإحسان ، عسى أن يخجل الطرف المقابل أو يستحي من موقفه المتشنج ، وبهذه السلوكية الرائعة قد ينتقل ذلك الجاهل من (أَلَدُّ الْخِصامِ) إلى أحسن الأصدقاء (وَلِيٌّ حَمِيمٌ)!
وإذا عمل بالإحسان في محله المناسب ، فإنّه أفضل أسلوب للمواجهة ، والتأريخ الإسلامي يرفدنا بعيّنات رائعة في هذا المجال .. ومنها : موقف معاملة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مع مشركي مكّة بعد الفتح ، معاملة النّبي الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم ل (وحشي) قاتل حمزّة ، معاملته صلىاللهعليهوآلهوسلم لأسرى معركة بدر الكبرى ، معاملته صلىاللهعليهوآلهوسلم مع من كان يؤذيه