بنات الله!!
آخر آية ـ من الآيات التي نبحثها ـ تشير إلى واحدة من الأفكار الخرافية للمشركين، إذ الكثير منهم كان يعتقد بأنّ الملائكة هم بنات الله ، في حين أنّهم كانوا يعتبرون البنت عارا وشنارا ، وولادتها في بيت يؤدي إلى سوء الحظ. القرآن يساير هذا المنطق فيقول لهم : (أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً).
إنّ البنات ـ بدون شك ـ كالبنين ، هم عطايا الإله ومواهبه ، ولا يوجد أي تفاوت بينهم في القيمة الإنسانية. وعادة لا يمكن الحفاظ على الأصل البشري من دونهما معا ، لذلك فإن تحقير البنات تعتبر عادة جاهلية كانت تعيشها تلك المجتمعات ، كما أشرنا إلى ذلك سابقا (١). ولكن هدف القرآن هو مقابلهم بمنطقهم فيقول لهم : كيف تنسبون لربّكم ما تحسبوه عارا لكم؟!
بعد ذلك يقول القرآن بأسلوب قاطع : (إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً) إذ هذا الكلام لا يتلاءم مع أي منطق ويعتبر ضعيفا من عدّة جهات ، هي :
١ ـ إنّ الإعتقاد بوجود ابن لله يعتبر إهانة عظيمة لمحضره المقدّس ، لأنّه سبحانه وتعالى ليس بجسم ، وليست فيه الصفات الجسمانية ، ولا يحتاج في بقائه إلى النسل. لذا فالاعتقاد بهذا الأمر يدل على عدم المعرفة بالصفات الإلهية.
٢ ـ كيف تعتقدون بأنّ أولاد الله كلّهم بنات ، في حين أنّكم ترون البنات أدنى مكانة واحتراما من الأولاد؟ هذا الإعتقاد السفيه يعتبر إهانة أخرى ألى مقام الله تبارك وتعالى.
٣ ـ هذا الإعتقاد يعتبر إهانة لمقام ملائكة الله الذين يعتبرون من المقربين للعرش، فأنتم تصابون بالرعب بمجرّد سماع كلمة «بنت» ، في حين تعتبرون هؤلاء المقربين من العرش إناثا؟!
__________________
(١) انظر تفسير الآيتين ٥٨ و ٥٩ من سورة النحل في هذا التّفسير.