بخصوص مستقبل وجودهم في تلك المنطقة ، ومن بعد ذلك يأتي دور تحريك عجلة الإقتصاد.
فبهذه النعم المادية الثلاثة تصل المجتمعات إلى درجة تكامل حياتها المادية فقط، ووصولا للحياة المتكاملة من كافة الجوانب (ماديا ومعنويا) تحتاج المجتمعات إلى نعمة الإيمان والتوحيد ، ولهذا فقد جاء بعد ذكر هذه النعم : (وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ).
٣ ـ لباس الجوع والخوف
ذكرت الآيات في بيان عاقبة الكافرين بنعم الله ، قائلة : (فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ) فمن جهة : شبّهت الجوع والخوف باللباس ، ومن جهة أخرى : عبّرت بـ «أذاقها» بدلا من (ألبسها).
وحمل هذا التفاوت في التعبير المفسّرين إلى التوقف والتأمل في الآية ...
فالتعبير يحمل بين طياته إشارة لطيفة ، فمثلا :
قال ابن الراوندي لابن الأعرابي الأديب : هل يذاق اللباس؟
قال ابن الأعرابي : لا بأس ولا لباس يا أيّها النسناس ، هب أنّك تشكّ أنّ محمّدا ما كان نبيّا أمّا كان عربيا!! (١).
وعلى أيّة حال ، فالتعبير إشارة إلى أن القحط والخوف كانا من الشدة وكأنّهما لباس قد أحاط بأبدانهم من كل الجهات ، وأبدانهم في تماس معه ، ومن جهة أخرى فقد وصلت حالة لمسهم للخوف والقحط كأنّهم يتذوقونه بألسنتهم.
وهو تعبير عن أشدّ حالات الخوف ومنتهى حالات الفقر والذي يمكن أنّ يصيب جميع وجود الإنسان.
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ، ج ٢٠ ، ص ١٢٨.