وبملاحظة تعبير الآية عن الجزاء الإلهي وفق أحسن الأعمال ، ليفهم من ذلك أنّ الحياة الطيبة ترتبط بعالم الدنيا بينما يرتبط الجزاء بالأحسن بعالم الآخرة.
وعند ما سئل أمير المؤمنين عليهالسلام عن قوله تعالى : (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) ، قال:«هي القناعة» (١).
ولا شك أنّ هذا التّفسير لا يعني حصر معنى الحياة الطيبة بالقناعة ، بل هو بيان لأحد مصاديقها الواضحة جدّا ، حيث أنّ الإنسان لو أعطيت له الدنيا بكاملها وسلبت منه روح القناعة فإنه ـ والحال هذه ـ سيعيش دائما في عذاب وألم وحسرة ، وبعكس ذلك، فإذا امتلك الإنسان القناعة وترك الحرص والطمع ، فإنّه سيعيش مطمئنا راضيا على الدوام.
وقد ورد في روايات أخرى تفسير الحياة الطيبة بمعنى الرضا بقسم الله ، وهذا المعنى قريب الأفق مع القناعة.
وينبغي أن لا نعطي لهذه المفاهيم صفة تخديرية أبدا ، وإنّما الهدف الواقعي من بيان الرضا والقناعة هو القضاء على الحرص والطمع واتباع الهوى في نفس الإنسان ، التي تعتبر من العوامل المؤثرة في إيجاد الاعتداءات والاستغلال والحروب وإراقة الدماء ، والمسببة للذل والأسر.
* * *
__________________
(١) نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، رقم ٢٢٩.