وقد ذكرنا في
تفسير الآية المذكورة ، أن الشرط والجزاء في الآية مرتبطان ارتباطا تاما ، ولم
يسقط من بينهما ولو كلمة واحدة.
أضف إلى ذلك ،
أن ثلث القرآن ما يعادل أربعة عشر جزء منه تقريبا ، فكيف يدعى هذا المدعى مع ما
للقرآن من كتّاب وحي وحفاظ وقراء منذ عهد النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهل يعقل أن يحصل ذلك دون أن يلتفت إليه أحد؟!
وكأنّ هؤلاء لم
يعيشوا ويعايشوا التاريخ بواقعيته وجلاءه ، ألم يثبت التأريخ بأنّ الشيء الأساسي
في حياة المسلمين هو القرآن؟ أو لم يكن القرآن يتلى في آناء الليل وأطراف النهار
في جميع البيوت والمساجد؟ إذن .. فكيف يحتمل إسقاط كلمة واحدة دون أن يلتفت إليه
أحد ، فضلا عن كون السقط ثلث القرآن؟!
لا يسعنا إلّا
أن نقول : إنّ كذبه بهذه المواصفات لدليل جلي على سذاجة واضعي مثل هذه الأحاديث.
وقد اعتمد
الكثير من المتذرعين في إثبات تحريف القرآن على كتاب (فصل الخطاب) المشار إليه
آنفا.
ولا بدّ من
الإشارة إلى غرض وغاية هذا الكتاب من خلال ما كتبه تلميذ المؤلف العلّامة الشيخ
آغا بزرگ الطهراني في الجزء الأوّل من كتاب (مستدرك الوسائل) ، حيث يذكر أنّه سمع
من استاذه مرارا : إنّ ما في كتاب فصل الخطاب لا يمثل عقيدتي الشخصية ، إنّما
ألفته للبحث والمناقشة ، وأشرت فيه إلى عقيدتي في عدم تحريف القرآن دون أن أصرح ،
وكان من الأفضل أن أسميه (فصل الخطاب في عدم تحريف الكتاب).
ثمّ يقول
المحدث الطهراني : هذا ما سمعناه من قول شيخنا نفسه ، وأمّا عمله فقد رأيناه يقيم
وزنا لما ورد في مضامين الأخبار ، ويراها أخبار آحاد لا بدّ أن تضرب عرض الحائط ،
ولا أحد يستطيع نسبة التحريف إلى أستاذنا إلّا من هو غير عارف بعقيدته ومرامه.