إلى شكره ، ولذلك ذهب البعض لتسميتها ب (سورة النعم).
وتستمر الآيات في الإشارة إلى النعم الإلهية حتى نصل إلى الآية الثّالثة (مورد البحث) لتقول : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً).
وحقّا إنّ هذه النعمة المباركة من أهم النعم ، فلولاها لم يمكن التمتع بغيرها.
«البيوت» : جمع بيت ، مأخوذ من (البيتوتة) : وهي في الأصل بمعنى التوقف ليلا ، وأطلقت كلمة (بيت) على الحجرة أو الدار لحصول الاستفادة منهما للسكن ليلا.
ويلزمنا هنا التنويه بالملاحظة التالية : إنّ القرآن الكريم لم يقل : إنّ الله جعل بيوتكم سكنا لكم ، وإنّما ذكر كلمة (من) التبعيضية أوّلا وقال : (مِنْ بُيُوتِكُمْ) وذلك لدقة كلام الله التامة في التعبير ، حيث أنّ الدار أو الحجرة الواحدة تلحقها مرافق أخرى كالمخزن والحمام وغيرها.
وبعد أن تطرق القرآن الكريم إلى ذكر البيوت الثابتة عرّج على ذكر البيوت المتنقلة فقال : (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً) (١).
وهي من الخفة بحيث (تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ) ـ أي رحيلكم ـ (وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ).
بل وجعل لكم : (وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ).
وكما هو معلوم فإنّ الشعر الذي يحمله بدن الحيوان بعضه خشن تماما كشعر الماعز ويطلق عليه (شعر) ، وجمعه (أشعار) ، وبعضه الآخر أقل خشونة بقليل وهو (الصوف) وجمعه (أصواف) ، (والوبر) أقل نعومة من الصوف وجمعه (أوبار) ، وبديهي أنّ الاختلاف الحاصل في طبيعته وخشونته يؤدي إلى تنوع الاستفادة
__________________
(١) إنّ صناعة الخيام من الجلود قليلة في عصرنا المعاش ، ولكنّ الآية المباركة أرادت أن تظهر أن هذا النوع من الخيام كان من أفضل الأنواع في تلك الأزمان ، واختص بالذكر دون بقية الأنواع ربما لكونها أكثر مأمنا أمام عواصف الصحراء الحارقة في الحجاز.