يديه ، فأمسك عليّ وأمسك الناس فقال عليّ : «من هاهنا من أشجع؟ هل تعلمون أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم جاءه أعرابيّ ببيضات نعام وتتمير (١) وحش فقال : أطعمهنّ أهلك فإنّا حرم؟» قالوا : بلى. فتورّك عثمان عن سريره ونزل فقال : خبثت علينا.
وفي لفظ البيهقي : كان الحارث خليفة عثمان رضى الله عنه على الطائف ، فصنع لعثمان رضى الله عنه طعاماً وصنع فيه من الحجل واليعاقيب ولحوم الوحش قال : فبعث إلى عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه فجاءه الرسول وهو يخبط لأباعر له ، فجاءه وهو ينفض الخبط من يده فقالوا له : كل. فقال : «أطعموه قوماً حلالاً فإنّا قوم حرم» ، ثمّ قال عليّ رضى الله عنه : «أنشد الله من كان هاهنا من أشجع ، أتعلمون أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أُهدي إليه رجل حمار وحش وهو محرم فأبى أن يأكله؟» قالوا : نعم.
وأخرج الطبري من طريق صبيح بن عبد الله العبسي قال : بعث عثمان بن عفّان أبا سفيان بن الحرث على العروض ، فنزل قديداً فمرّ به رجل من أهل الشام معه باز وصقر فاستعاره منه فاصطاد به من اليعاقيب فجعلهنّ في حظيرة ، فلمّا مرّ به عثمان طبخهنّ ثمّ قدّمهنّ إليه فقال عثمان : كلوا ، فقال بعضهم : حتى يجيء عليّ بن أبي طالب. فلمّا جاء فرأى ما بين أيديهم قال عليّ : «إنّا لا نأكل منه». فقال عثمان مالك لا تأكل؟ فقال : «هو صيد [و] (٢) لا يحلّ أكله وأنا محرم». فقال عثمان : بيّن لنا. فقال عليّ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) (٣). فقال عثمان : أو نحن قتلناه؟ فقرأ عليه : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً) (٤).
__________________
(١) التتمير : التقديد. والتتمير : التيبيس. والتتمير : أن يقطع اللحم صغاراً ويجفّف. واللحم المتمّر : المقطع. لسان العرب [٢ / ٥٠]. (المؤلف)
(٢) من المصدر.
(٣) المائدة : ٩٥.
(٤) المائدة : ٩٦.