فالإنسان مخيّر بين طريق الله وطريق الشيطان ، ولكن لماذا الشيطان ؟ ولماذا يقف الإنسان متحيّراً ؟ ولماذا الأنبياء وعذابهم على طول التاريخ ؟.
هذه هي الهندسة الإلٰهية والتقدير الإلٰهي ( فهي المحدّدة لوجود الأشياء في عالمنا المشهود ، من حيث وجودها وآثار وجودها وخصوصيات كونها بما أنّها متعلّقة الوجود والآثار باُمور خارجة من العلل والشرائط ، فيختلف وجودها وأحوالها باختلاف عللها وشرائطها ، فهي مقولبة بقوالب من داخل وخارج تعين لها من العرض والطول والشكل وسائر الأحوال والأفعال ما يناسبها ) (٢١) ( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ ) (٢٢).
قال الإمام الرضا عليهالسلام في خبر مفصّل : أوَ تدري ما قدَّر ؟ قال : لا. قال : هو الهندسة من الطول والعرض والبقاء (٢٣).
والأنبياء والأوصياء عليهمالسلام وإن علموا بالمقدّرات الإلٰهية إلّا أنّهم لا يمكنهم أن يقفوا أمامها حيث كانت تحت المسيرة الإلٰهية وإلى الهدف الحقيقي.
وإذا لاحظنا بعض إجابات الإمام الحسن عليهالسلام نجد ذلك واضحاً منه. ففي حديث أجاب الإمام الحسن عليهالسلام عن قول القائل : تترك يا ٱبن رسول الله شيعتك كالغنم ليس لها راع ؟ قال : وما أصنع يا أخا جهينة ، إنّي والله أعلم بأمر قد أدبه إلي ثقاته.
إنّ أمير المؤمنين عليهالسلام قال لي ذات يوم وقد رآني فرحاً : يا حسن أتفرح ؟ كيف بك إذا رأيت أباك قتيلاً ؟ كيف بك إذا ولي هذا الأمر بنو اُميّة وأميرها الرحب البلعوم الواسع الاعفجاج يأكل ولا يشبع ، يموت وليس له في السماء ناصر ولا في الأرض عاذر ، ثم يستولي على غربها وشرقها . .
إلى أن قال : فكذلك حتى يبعث الله رجلاً في آخر الزمان (٢٤).
وقوله في جواب آخر : أما علمتم ما منّا أحد إلّا ويقع في عنقه بيعة لطاغية