تعالى ذكره حكمة وصواباً » (١٧).
(٣) التقوى :
وهو العنصر الذي يأخذ بيد الإنسان نحو السبيل إلى الله والوصول إلى مدارج الكمال في قيادته وتدبيره. قال تعالى : ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ). ويحتاج في الحصول على هذا العنصر إلى اُمور كثيرة منها :
حياة قلبه بالموعظة ، إماتته بالزهد ، تقويته باليقين ، تنويره بالحكمة ، تذليله بذكر الموت ، تقريره بالفناء ، تبصيره لفجائع الدنيا ، تحذيره صولة الدهر وتقلّب الليالي والأيام ، تذكيره بأخبار الماضين وما أصابهم.
وإذا أردتَ المزيد فأقرأ وصية أمير المؤمنين عليهالسلام للإمام الحسن عليهالسلام فقد تضمّنت اُموراً كثيرة لتأديب الإنسان والأخذ بيده للوصول إلى مدارج الكمال.
فقد أوصى أمير المؤمنين عليهالسلام ابنه الحسن عليهالسلام قائلاً : « أي بني إنّي وإن لم أكن عمّرتُ عمر مَن كان قبلي فقد نظرت في أعمالهم ، وفكّرت في أخبارهم ، وسرت في آثارهم حتى عدت كأحدهم بل كأنّي بما انتهى إليّ من اُمورهم عمّرت مع أوّلهم إلى آخرهم ، فعرفتُ صفو ذلك من كدره ونفعه من ضرره ، فاستخلصت لكَ من كل أمر نخيله ، وتوخّيت لك جميله ، وصرفتُ عنك مجهوله ».
فجعل الإمام الحسن
خلاصة كل أمر ذي بال وجميل كل حدث وعرَّفه ما هو السقيم من السليم. فإذا عرفنا كل ما ذكرناه فهل يمكن أن يكون معاوية متلبّساً بصفات هذا المدبّر وشرائطه ؟ فهل هو المؤمن حقّ الإيمان أم الإمام الحسن عليهالسلام ؟ ومَن هو العالم بالشرائع وأحوال
الماضين ؟ ومَن هو المتقي لله حقّ تقاته ؟ لا أظنّ أنّ من له شيء من المعرفة للتاريخ يساوي معاوية بالإمام الحسن عليهالسلام في ذلك فضلاً عن تفضيله. فما أسلم
معاوية إلّا خوفاً من حدّ السيف ،