يروي ابن أبي الحديد : « أما بعد فانّ الله يفعل في عباده ما يشاء لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب ، فاحذر أن تكون منيتك على أيدي رعاع من الناس ، وايأس من أن تجد فينا غميزة ، وإن أنت أعرضتَ عمّا أنت فيه وبايعتني وفيتُ لك ما وعدتُ ، وأجريت لك ما شرطت ، وأكون في ذلك كما قال أعشى بن قيس بن ثعلبة :
وإن أحدٌ أسدى إليك أمانةً |
|
فأوفِ بها تدعى إذا متَّ وافيا |
ولا تحسد المولى إذا كان ذا غنىً |
|
ولا تُجفهِ إن كـان في المال فانيا |
ثم الخلافة لك من بعدي وأنت أولى الناس بها » (٣٣).
قال توفيق أبو علم : « ويقول بعض رجال التاريخ إنّ هذه الرسالة المشتملة على مثل هذا اللون من التهديد والتوعيد ، إنّما بعثها معاوية إلى الإمام الحسن عليهالسلام بعدما اتصل اتصالاً وثيقاً برجال العراق وقادته وضمنوا له تنفيذ خطّته ، فالغالب أنّه لم يكتب ذلك إلّا بعد الاتصال بزعماء العراق وانقطاع أمله من إجابة الحسن له » (٣٤).
ولكن المحتمل غير ذلك كما سيظهر عن قريب من تتابع الحوادث ومجريات الاُمور.
والذي تجدر الإشارة إليه تهديد معاوية للإمام الحسن عليهالسلام بالقتل إن هو لم يسلم الأمر إليه ، وفيه الشيء الكثير من أخلاق آل اُميّة وروح معاوية.
الرسالة الثانية :
أجاب الإمام عليهالسلام معاوية برسالة مختصرة :
« أمّا بعد فقد وصل إليّ كتابك فيه ما ذكرت ، وتركتُ جوابك خشية البغي ، وبالله أعوذ من ذلك ، فاتبع الحقّ فانّك تعلم من أهله : وعليّ إثم أن أقول فأكذب » (٣٥).
قال توفيق أبو علم : «
وكانت هذه الرسالة هي آخر الرسائل التي دارت بين