المهاجرون على بيعة أبي بكر ، أقبل أبو سفيان وهو يقول : أمَا والله إنّي لأرى عجاجة لا يطفئُها إلّا الدم ، يا لعبد مناف ، فيمَ أبو بكر من أمركم ! أين المستضعفان أين الأذلّان ـ يعني علياً والعباس ـ ما بال هذا في أقلّ حيّ من قريش ، ثُمَّ قال لعلي : إبسط يدك أبايعك ، فوالله إن شئت لأملأنّها على أبي فضيل ـ يعني أبا بكر ـ خيلاً ورجالاً ، فامتنع علي عليهالسلام فلمّا يئس منه قام عنه وهو ينشد شعر المتلمس :
ولا يقيمُ على ضيمٍ يُرادُ بهِ |
|
إلّا الأذلّان عيرُ الحيِّ والوتدُ |
هذا على الخسفِ مربوطٌ برمّتهِ |
|
وذا يُشَجُّ فلا يَرثي لهُ أحد (١٢) |
وفي رواية الطبري زجره الإمام عليهالسلام وقال : « أنتَ طالما بغيتَ على الإسلام شرّاً لا حاجة لنا بنصيحتكَ » (١٣).
فلقد كان الإمام علي عليهالسلام يقرأ النفوس ، وينظر من وراء الغيب بنور الإيمان حين امتنع من اُطروحة أبي سفيان ، وإن كانت بهذا الشكل المثير ، فانّ أبا سفيان لم يسلم إلّا خوفاً من السيف كما يظهر لمَن تصفّح أوراق التاريخ ، وقد أظهر ما تبطنه سريرته في خلافة عثمان ، فإنّه كان جالساً في مجلس الخليفة يوماً من الأيام ومعه رهط من بني اُمية فقال : تداولوها يا بني اُميّة تداول الولدان الكرة فوالله ما من جنة ولا نار (١٤).
السادس : جرّد الإمام الحسن عليهالسلام معاوية بن أبي سفيان عن صلاحيته للخلافة الإسلامية بأيّ نحو كان ، وأبرزه للمجتمع الإسلامي ولكل مَن قرأ هذه الرسالة على مدى التاريخ بثوبه الشفّاف الذي لا يستر له عورة ، فهو ليس بصاحب فضل في الدّين معروف حتّى يمكن له القول : بأنّي آمنتُ أوّل الناس أو أسلمتُ وسائر الناس عاكفون على أصنامهم وما إلى ذلك ! ولا له أثر في الإسلام محمود ، إذ لم يُعرَف بقيادة جيش ولا بلاء في حرب ولا .. ولا .. مضافاً إلى أنّه ابن حزب من الأحزاب التي تألّبت على النبي صلىاللهعليهوآله لقتاله في محاولة فاشلة لمحو