بالمسلمين ، بل وفي أماكن الدعة والراحة أيضاً ، وربّى الإمام علياً عليهالسلام على ذلك أيضاً بإعطائه قيادة جيوش الإسلام وعدم تأمير أحد عليه في كلّ المواقع التي حضرها ، وباختصاصه بالعلم الذي ينفتح له من كلّ باب منه ألف باب وبغيره ، ولو غضّ الطرف عن جميع ذلك فلا يمكن أن يغض النظر عن بيعة الغدير وتنصيب الإمام علي عليهالسلام خليفة شرعياً للرسول صلىاللهعليهوآله ووليّاً على المسلمين بعد وفاته ، تلك البيعة التي لم يمض عليها إلّا شهران وعشرة أيام قبل وفاة الرسول صلىاللهعليهوآله ، وهي مدة قصيرة في حساب الزّمن لا تكفي لنسيان الحدث غير المهم فضلاً عن مثل هذا الحدث العظيم المحاط بمجموعة من الظروف المكانية والزمانية والنفسية التي تغرسه في أذهان الحاضرين إلى أبد الآبدين.
ويوضح هذا الأمر شعر عتبة بن أبي لهب أو غيره ممّن عاصر حوادث السقيفة وآخر آيام الرسالة :
ما كنتُ أحسبُ أنّ الأمر منصرفٌ |
|
عن هاشم ثمَّ منها عن أبي حسن (١١) |
الخامس : انّ الذي قعد بالإمام علي عليهالسلام عن اتخاذ طريق المواجهة العسكرية بينه وبين مَن تولّى شؤون الاُمّة وهو مَن هو في الشجاعة والإقدام وهم مَن هم ، إنّما هو الحفاظ على الدين الإسلامي وخوفاً عليه أن تلين له قناة وهو الذي سقى عوده بدمه حتى اخضرَّ ورقه ونمت أغصانه ، وضحّى من أجله بأعظم أيام حياته ، وبذل له كل ما في وسعه ، وكان ساعد القائد الأعظم الرسول صلىاللهعليهوآله ، فانّ هناك مَن يتربّص به الدوائر ويبغي له الغوائل « وأمسكنا عن منازعتهم مخافة على الدِّين ، أن يجد المنافقون والأحزاب في ذلك مغمزاً يثلمونه به ، أو يكون لهم بذلك سبب إلى ما أرادوا من إفساده ».
ويظهر هذا المعنى في
موقف الإمام علي عليهالسلام من أبي سفيان بعد حوادث السقيفة مباشرة ، فقد جاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : « لمّا اجتمع