غصباً ، ألستم زعمتم للأنصار أنّكم أولى بهذا الأمر منهم لما كان محمّد منكم ، فأعطوكم المقادة وسلّموا إليكم الإمارة ، وأنا أحتجّ عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار ، نحن أولى الناس برسول الله حيّاً وميتاً ، فأنصفونا إن كنتم تؤمنون ، وإلّا فبوؤا بالظلم وأنتم تعلمون » (١٠).
وقول السيدة الزهراء عليهاالسلام في خطبتها المعروفة : « فلمّا اختار الله لنبيه دار أنبيائه ومأوى أصفيائه ظهرت فيكم حسيكة النفاق وسمل جلباب الدين ونطق كاظم الغاوين ونبغ خامل الأقلين وهدر فنيق المبطلين فخطر في عرصاتكم وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه هاتفاً بكم فألفاكم لدعوته مستجيبين وللغرة فيه ملاحظين ثم استنهضكم فوجدكم خفافاً وأحمشكم فألفاكم غضاباً فوسمتم غير إبلكم وأوردتم غير شربكم هذا والعهد قريب .. » ، وفيها : « ويحكم أنّى زحزحوها ـ الخلافة ـ عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوة ، ومهبط الوحي الأمين » وفيها : « ألا قد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض ، وأبعدتم مَن هو أحقّ بالبسط والقبض ».
ومن المحتمل انّه عليهالسلام إنّما بيّن هذا الجانب لمعاوية لعلمه عليهالسلام بأنّ معاوية أراد بثّ هذه الشبهة في نفوس العامّة ، بحيث اتّخذه المؤرخون أمراً مسلّماً فيما بعد.
الرابع : يظهر من قول الإمام عليهالسلام : « ولقد تعجّبنا من
توثّب المتوثّبين علينا في حقّنا .. الخ »
أنّ أحقيّة الإمام علي عليهالسلام للسلطة الدينية والزمنية بعد الرسول صلىاللهعليهوآله بلا فصل ، وانّه الخليفة المنصوب من
قِبَل السماء ، أمر لا خفاء فيه على أحد ، بحيث كان من الوضوح والاشتهار أن أثار التخلّف عنه وإنكاره التعجّب والاستغراب في نفوس أهل البيت عليهمالسلام والخلّص من المسلمين ، فإنّ الرسول صلىاللهعليهوآله قد ركّز فكرة خلافة الإمام علي عليهالسلام بعده في نفوس المسلمين عامّة وخاصّة ، وربّى المسلمين على ذلك في كثير من المواقف الحرجة التي ألمت