اليوم هو الرجل الذي حاربهم على كلمة التوحيد بالأمس ؟
وقد رسم الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رحمهالله نفسية معاوية ومَن أسلم معه يوم الفتح فقال في رسالة بعثها إلى الإمام الحسن عليهالسلام : « واعلم انّك تحارب مَن حارب الله ورسوله في ابتداء الإسلام حتى ظهر أمر الله ، فلمّا وحّد الرب ومحق الشرك وعزّ الدين أظهروا الإيمان وقرأوا القرآن مستهزئين بآياته ، وقاموا إلى الصلاة وهم كسالى وأدّوا الفرائض وهم كارهون ، فلمّا رأوا أنّه لا يعزّ في الدين إلّا الأتقياء الأبرار توسّموا بسيماء الصالحين ليظنّ بهم المسلمون خيراً ، فما زالوا بذلك حتى شركوهم في أماناتهم وقالوا حسابهم على الله ، فان كانوا صادقين فإخواننا في الدين وإن كانوا كاذبين كانوا بما اقترفوا هم الأخسرين ، وقد منيت بأولئك وبأبنائهم وأشباههم ، والله ما زادهم طول العمل إلّا غيّاً ولا زادهم ذلك لأهل الدين إلّا مقتا .. » (٧).
الثاني : أرّخ الإمام عليهالسلام للنقطة المهمة التي بها ظهر المهاجرون على الأنصار في سقيفة بني ساعدة ، وبالأحرى انتصرت بها قريش على الأنصار وسائر العرب ، وكان لهم بها منطق القوّة ، وهي احتجاجهم بأنّهم شجرة النبي صلىاللهعليهوآله وأنّهم أهله وأقرباؤه ، وقد ذكّر الإمام عليهالسلام معاوية بأنّ هذا الأمر وهي الخلافة إنّما ذهبت عن الأنصار ويمّمت صوب قريش الذين وضعوك في هذا الموضع بتأميرهم إيّاك على الشام لأنّ النبي صلىاللهعليهوآله منهم ، فلم تكن للأنصار حجّة تصلح أن تناهض تلك الحجّة.
ولعل ذكر الإمام عليهالسلام لهذا الحدث التاريخي في رسالته هذه إشارة منه إلى أنّ الذي أطمع معاوية وأمثاله في الخلافة هي وقائع السقيفة ، ولو أعطيت صاحبها الشرعي من ذلك الحين لما آلت لأمثال معاوية ، ولما حدّثته نفسه بها يوماً من الأيام وهو من هو ، ممّن عُرف بالحقد والكيد للإسلام ونبي المسلمين ، كما أنّ