محمّداً صلىاللهعليهوآله رحمة للعالمين ..
فكأنّ الإمام عليهالسلام يشير بهذا المطلع إلى شيئين :
١ ـ إنّ منصب الخلافة الإسلامية موقع يخلف منصب الرسالة فلا يستحقّه كلّ أحد ، بل لا بد أن يكون أمره بيد السماء ، كما أنّ هناك صفات ينبغي تواجدها في شخص الخليفة كما هي متوفرة في شخص النبي صلىاللهعليهوآله حتى يتسنّى له أن يقوم بمهمة زعامة المسلمين الكبرى وقيادة الدولة الإسلامية بأمان ، وأن تكون له الأهلية والقدرة على إحقاق الحق وبطلان الباطل ، لمعرفتها أوّلاً ، وحمله للروحية الإسلامية التي تقبل ذلك ثانياً ، وفي هذا إشارة خفية لعدم اتصاف معاوية بهذه الاُمور المطلوب تواجدها في شخص الخليفة.
٢ ـ إنّ الرسالة الإسلامية قد ووجهت بالعداء من المشركين ولا سيما مشركي قريش من مبدأ مسيرتها وإنطلاقها ، وحاول المشركون ـ الذين كنتَ منهم يا معاوية ـ وأدها في مهدها ، فما توانى الرسول صلىاللهعليهوآله في القيام بما اُمر به ، وإظهار الرسالة وإبرازها إلى نور الوجود ، ولقد قال كلمته المشهورة التي دكّت كبرياء قريش وزلزلت الأرض تحت أقدامهم : « والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك » (٦) ، بينما بذلتم جهدكم في إخفائها ، فكيف تريد اليوم أن تتولّى مهام الأمر الذي كنتَ تحاربه بالأمس وتجهد في دفنه وإطفائه ؟!
وليس استبعاد أمثال
معاوية عن أمر الخلافة بأمر غريب بل هو عين الحكمة والصواب ، فان مَن كانت حاله هي هذه في مبدأ أمره إلى سنين كثيرة مضت من عمره تخللتها الحروب والدماء ، لا بد أن يتأثّر بالبيئة التي كان يعيش في محيطها ، والأفكار
التي تربّى عليها بحيث تبقى رواسبها في نفسه فيتحرك حسب إملائها من حيث يشعر أو لا يشعر ، ثم ما حال المسلمين الذين كانوا ضدّه في المواجهة وهم يرون أنّ
أميرهم