عاد فسرق قطعت رجله إلا أنه غلظت عقوبته حين كان أخذه للمال على وجه الفساد في الأرض فإن قتل وأخذ فالإمام فيه بالخيار على ما ذكرنا من اختلاف أصحابنا فيه فكان عند أبى حنفية له أن يجمع عليه قطع اليد والرجل والصلب والقتل وأخذ المال على وجه المحاربة صار جميع ذلك حدا واحدا ألا ترى أن القتل في هذا الموضع مستحق على وجه الحد كالقطع وأن عفو الأولياء فيه لا يجوز فدل ذلك على أنهما جميعا حد واحد فلذلك كان للإمام أن يجمعهما جميعا وله أن يقتلهم فيدخل فيه قطع اليد والرجل وذلك لأنه لم يؤخذ على الإمام الترتيب في التبدئة ببعض ذلك دون بعض فله أن يبدأ بالقتل أو بالقطع فإن قال قائل هلا قتلته وأسقطت القطع كمن سرق وقتل أنه يقتل ولا يقطع قيل له ما بينا من أن جميع ذلك حد واحد مستحق بسبب واحد وهو القتل وأخذ المال على وجه المحاربة وأما السرقة والقتل فكل واحد منهما مستحق بسبب غير السبب الذي به استحق الآخر وقد أمرنا بدرء الحدود ما استطعنا فلذلك بدأنا بالقتل لندرأ أحد الحدين وليس في مسألتنا درء أحد الحدين وإنما هو حد واحد فلم يلزمنا إسقاط بعضه وإيجاب بعض وهو مخير أيضا بين أن يقتله صلبا وبين الاقتصار على القتل دون الصلب لقوله تعالى (أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا) وذكر أبو جعفر الطحاوي أن الصلب المذكور في آية المحارب هو الصلب بعد القتل في قول أبى حنيفة وكان أبو الحسن الكرخي يحكى عن أبى يوسف أنه يصلب ثم يقتل يبعج بطنه برمح أو غيره فيقتل وقال أبو الحسن هذا هو الصحيح وصلبه بعد القتل لا معنى له لأن الصلب عقوبة وذلك يستحيل في الميت فقيل له لم لا يجوز أن يصلب بعد القتل ردعا لغيره فقال لأن الصلب إذا كان موضوعه للتعذيب والعقوبة لم يجز إيقاعه إلا على الوجه الموضوع في الشريعة* فإن قال قائل إذا كان الله تعالى إنما* أوجب القتل أو الصلب على وجه التخيير فكيف يجوز جمعهما عليه* قيل له أراد قتلا على غير وجه الصلب إذا قتل ولم يأخذ المال وأراد قتلا على وجه الصلب إذا قتل وأخذ المال فغلظت العقوبة عليه في صفة القتل لجمعه بين القتل وأخذ المال وروى مغيرة عن إبراهيم قال يترك المصلوب من المحاربين على الخشبة يوما وقال يحيى بن آدم ثلاثة أيام* واختلف في النفي فقال أصحابنا هو حبسه حيث يرى الإمام وروى مثله عن إبراهيم وروى عن إبراهيم رواية أخرى وهو أن ينفيه طلبه وقال مالك ينفى إلى بلد آخر غير