القاسم بن أبى الزناد قال حدثنا إسحاق يعنى ابن حازم عن ابن مقسم يعنى عبد الله عن جابر ابن عبد الله أن النبي صلّى الله عليه وسلّم سئل عن البحر فقال هو الطهور ماؤه الحل ميتته وهذه الأخبار لا يحتج بها من له معرفة بالحديث ولو ثبت كان محمولا على ما بينه في قوله أحلت لنا ميتتان ويدل على ذلك أنه لم يخصص بذلك حيوان الماء دون غيره وإنما ذكر ما يموت فيه وذلك يعم ظاهره حيوان الماء والبر جميعا إذا ماتا فيه وقد علم أنه لم يرد ذلك فثبت أنه أراد السمك خاصة دون ما سواه إذ قد علم أنه لم يرد به العموم ولا يصح اعتقاده فيه واحتج المبيحون له بحديث جابر في جيش الخبط وأن البحر ألقى لهم دابة يقال لها العنبر فأكلوا منها ثم سألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال هل معكم منه شيء تطعمونيه وهذا لا دليل فيه على ما قالوا لأن جماعة قد رووا هذا الحديث وذكروا فيه أن البحر ألقى لهم حوتا يقال له العنبر فأخبروا أنها كانت حوتا وهو السمك وهذا لا خلاف فيه ولا دلالة على إباحة ما سواه.
باب أكل المحرم لحم صيد الحلال
قال الله تعالى (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً) فروى عن على وابن عباس أنهما كرها للمحرم أكل صيد اصطاده حلال إلا أن إسناد حديث على ليس بقوى يرويه على بن زيد وبعضهم يرفعه إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم ويقفه بعضهم وروى عن عثمان وطلحة ابن عبيد الله وأبى قتادة وجابر وغيرهم إباحته وروى عبد الله بن أبى قتادة وعطاء بن يسار عن أبى قتادة قال أصبت حمار وحش فقلت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم إنى أصبت حمار وحش وعندي منه فضلة فقال للقوم كلوا وهم محرمون وروى أبو الزبير عن جابر قال عقر أبو قتادة حمار وحش ونحن محرمون وهو حلال فأكلنا منه ومعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وروى المطلب بن عبد الله بن حنطب عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لحم صيد البر حلال لكم وأنتم حرم ما لم تصيدوه أو يصطاد لكم وقد روى في إباحته أخبار أخر غير ذلك كرهت الإطالة بذكرها لاتفاق فقهاء الأمصار عليه* واحتج من حظره بقوله (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً) وعمومه يتناول الاصطياد والمصيد نفسه لوقوع الاسم عليهما ومن أباحه ذهب إلى قوله (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ) إذ كان يتناول الاصطياد وتحريم المصيد نفسه فإن هذا الحيوان إنما سمى صيدا مادام حيا وأما اللحم