هو قياسا على الفأرة وعلى السمن لأنه قد ثبت تساوى ذلك قبل ورود الحكم بما وصفنا فإذا ورد في شيء منه كان حكما في جميعه ولذلك قال أصحابنا إن حكم النبي صلّى الله عليه وسلّم ببقاء صوم الآكل ناسيا هو حكم فيه ببقاء صوم المجامع ناسيا لأنهما غير مختلفين فيما يتعلق بهما من الأحكام في حال الصوم وكذلك قالوا فيمن سبقه الحدث في الصلاة من بول أو غائط أنه بمنزلة الرعاف والقيء اللذين جاء فيهما الأثر في جواز البناء عليها لأن ذلك غير مختلف فيما يتعلق بهما من أحكام الطهارة والصلاة فلما ورد الأثر في بعض ذلك كان ذلك حكما في جميعه وليس ذلك بقياس كذلك حكم قاتل الصيد خطأ وأما المجاهد فإنه تارك لظاهر الآية لأن الله تعالى قال (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) فمن كان ذاكرا لإحرامه عامدا لقتل الصيد فقد شمله الاسم فواجب عليه الجزاء ولا معنى لاعتبار كونه ناسيا لإحرامه عامدا لقتله فإن قال قائل نص الله تعالى على كفارة قاتل الخطأ فلم تردوا عليه قاتل العمد كذلك لما نص الله تعالى على قاتل العمد بإيجاب الجزاء لم يجز إيجابها على قاتل الخطأ قيل له الجواب عن هذا من وجوه أحدها أن الله تعالى لما نص الله على حكم كل واحد من القتلين وجب استعمالهما ولم يجز قياس أحدهما على الآخر لأنه غير جائز عندنا قياس المنصوصات بعضها على بعض ومن جهة أخرى أن قتل العمد لم يخل من إيجاب القود الذي هو أعظم من الكفارة والدية ومتى أخلينا قاتل الصيد خطأ من إيجاب الجزاء لم يجب عليه شيء آخر فيكون لغوا عاريا من حكم وذلك غير جائز وأيضا فإن أحكام القتل في الأصول مختلفة في العمد والخطأ والمباح والمحظور ولم يختلف ذلك في الصيد فلذلك استوى حكم العمد والخطأ فيه واختلف في قتل الآدمي قوله تعالى (فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ) اختلف في المراد بالمثل فروى عن ابن عباس أن المثل نظيره في الأروى بقرة وفي الظبية شاة وفي النعامة بعير وهو قول سعيد بن جبير وقتادة في آخرين من التابعين وهو قول مالك ومحمد بن الحسن والشافعى وذلك فيما له نظير من النعم فأما ما لا نظير له منه كالعصفور ونحوه ففيه القيمة وروى الحجاج عن عطاء ومجاهد وإبراهيم في المثل أنه القيمة دراهم وروى عن مجاهد رواية أخرى أنه الهدى وقال أبو حنيفة وأبو يوسف المثل هو القيمة ويشترى بالقيمة هديا إن شاء وإن شاء اشترى طعاما وأعطى كل مسكين نصف صاع وإن شاء صام عن كل نصف صاع يوما قال أبو بكر