لا يقال : إنّ سكون الألف علامة الرفع في «يخشى» ، لأنها في حال النصب ساكنة أيضا.
فإذا جزمته قلت : «لم يغز» و «لم يرم» و «لم يخش». وقد اختلف العلماء ـ رحمهمالله ـ في تأثير الجازم.
فقال قوم : إنّ الجازم حذف الضّمّة المقدّرة في «يغزو» و «يرمي» و «يخشى» ، وحذف الواو والياء والألف إنما كان لينقص لفظ المجزوم عن لفظ المرفوع ، ولا يستويا ، كما كان ذلك في الصحيح ، نحو قولك : «يضرب» و «لم يضرب».
وقال قوم ـ وهو المذهب ـ : إن الجازم حذف هذه الحروف أنفسها ، لأنّهنّ وإن كنّ من أنفس الكلم فقد أشبهن الحركات ، من حيث أنّ مخارج هذه الحروف هي مخارج الحركات ، وهنّ أصول للحركات (١) عندنا. ومع ذلك فقد كانت في حال الرفع لا يدخلها حركة ، كما لا يدخل الحركة حركة. فلمّا أشبهت الحركات حذفها الجازم ، وكان حذفها جزما كما يكون حذف الحركة. وقد شبّه أبو بكر الجازم بالدواء الذي إن وجد فضلا (٢) ، وإلّا أخذ من
__________________
(١) في الأصل : الحركات.
(٢) يريد : إن وجد في البدن فضلة أخذها.