قال : وروي عن الأصمعي أنه قال : المِسْكينُ أَحسنُ حَالاً من الفقير ، قال وإليه ذهبَ أحمد بن عبيد ، قال : وهو القول الصحيحُ عندنا ، لأن الله تعالى قال : (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ) [الكهف : ٧٩] فأَخبرَ أنهم مَساكينُ وأن لهم سَفينةً تساوي جُمْلةً.
وقال : (لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ) الآيةَ إلى قولهِ (إِلْحافاً) [البقرة : ٢٧٣]. فهذه الحال التي أَخبَرَ بها عن الفقراء هي دونَ الحالِ التي أَخبَرَ بها عن المسَاكينِ.
وفي الحديث عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال لِلْمصَلِّي : «تَبْأَس وتَمَسْكنُ وتقنع يديك» قوله تَمَسْكنُ أي تَذِلُّ وتخضعُ.
قال القُتيبيُّ : أَصْلُ الحَرْفِ : السُّكونُ ، والمَسْكَنةُ : مَفعلةٌ منه ، وكان القياس تُسَكَّنَ كما يقال : تَشَجَّعَ وتحلَّمَ ، إِلا أَنه جَاءَ في هذا الحَرْفِ تَمَفْعَلَ ، ومثله : تَمدْرَعَ من المِدْرَعَةِ ، وأَصلُهُ : تَدَرَّعَ.
وقال سِيبَوَيْهِ : كلُّ مِيمٍ كانتْ في أَوَّلِ حَرْفٍ فهي مَزيدةٌ إِلَّا مِيمَ مِعْزَى ، وَمِيمَ مَعَدٍّ ، تقول : تَمَعْدَدَ ، وميمَ مَنْجَنِيق وَمِيمَ مَأْجَجٍ ، ومِيمَ مَهْدَدَ.
(قلت) : وهذا فيما جاءَ عَلَى مَفْعَلٍ أَو مِفْعَلِ أَو مِفْعِيل ، فأَمَّا ما جاءَ عَلَى بنَاءِ فَعْلٍ أَو فِعَالٍ فالميمُ تكونُ أَصْلِيَّةً مثل المَهْدِ والمِهَادِ والمَرْدِ وَما أَشْبَهَهُ.
سلمة عن الفراء من العرب من يقول : أنزل الله عليهم السِّكِّينة للسَّكِينةِ.
قال : وحكى الكسائي عن بعض بني أسد المَسْكِينُ بفتح الميم للمِسكِين.
وقول الله تعالى : (فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ) [المؤمنون : ٧٦] أي فما خضعوا ، كان في الأصل «فما اسْتَكَنُوا» فمدت فتحة الكاف بألف كقوله : لها مَتْنَتَانِ خَظَاتَا ، أراد : خَظَتَا.
فمد فتحة الظاء بألف.
يقال : سَكَنَ ، وأَسْكن ، واسْتَكن وتمسكن ، واستكان أي خضع وذل.
وقال : يَنْبَاعُ من ذِفْرَى غَضُوبٍ أي يَنْبَع فمُدَّت فتحة الباء بألف.
وقال الزجاج : في قوله تعالى : (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) [التوبة : ١٠٣] أي يَسْكُنونَ بها.
وقال أبو عبيد : الخَيْزُرَانة : السُّكّانُ ، وهو الكَوْثَلُ أيضاً.
وقال أبو عمرو : الخَدْفُ : السُّكّانُ ، وهو الكوثَلُ أيضاً.
وقال الليث : السُّكّانُ : ذَنَبُ السَّفينَةِ الذي به تُعدَلُ ، وقال طَرَفة :