عندي طعامٌ ولكن بِعْني هذا الكُرَّ بمئتي درهم إلى شهرٍ ، فهذه نَسيئةٌ انتقلت إلى نسيئة ، وكلُّ ما أشبهَ هذا هكذا ، ولو قبضَ الطعامَ منه ثم باعه منه أو من غيره بنسيئة لم يكن كالِئاً بكالئ.
وقال أبو زيد : كلَّأْتُ في الطعامِ تكلِيئاً ، وأكلأْتُ فيه إكلاءً إذا سلَّفْتَ فيه ، وما أعطيتَ في الطعام من الدراهم ، نسيئةً ، فهي الكُلأةُ.
قال ويقال : كلأَ القومُ سفِينتَهُم تكليئاً إذا ما حبسوها.
ويقالُ : بَلَغَ الله بكَ أَكْلأ العُمُرِ ، يَعْنِي آخِرَه وأَبْعدَه.
وقال غيرُه : الكَلَّاء والمُكَلَّأُ ، والأوَّلُ ممْدُودٌ ، والثاني مهموز مَقْصورٌ : مكانٌ يُرْفأُ فيه السُّفُنُ ، وهو ساحلُ كلِّ نَهْرٍ ، وجاء في بعض الأخْبَارِ «مَن عَرَّضَ عرَّضْنَا له. ومَنْ مشَى على الكَلَّاءِ ألْقَيْناهُ في البَحْرِ» ومَعْنَاهُ أنَّ مَنْ عرَّض بالقَذْفِ ، ولم يُصَرّحُ عُرِّضَ له بضرْبٍ خفيف تأْديباً ، ولم يُضْرَبِ الحدَّ كاملاً ، ومَنْ صَرَّحَ بالقَذْفِ ألقيناه في نَهَرِ الحَدِّ فحدَدْنَاهُ ، وذلك أَنَ الكَلَّاءَ : مَرْفأُ السُّفُنِ عند السّاحِلِ في الماءِ ، ويُثَنَّى الكَلَّاءُ فيقالُ : كَلّاءانِ ، ويُجْمَعُ فيقال : كَلّاءونَ.
وقال أبو النجم :
تَرَى بكَلَّاوَيْهِ منه عَسْكَرَا |
قَوْماً يدُقُّون الصَّفَا المكَسَّرَا |
وصَفَ الهَنِئَ والمَرِئَ ، وهما نهرانِ حفرهُما هشام بن عبد الملك يقول : ترى بكَلَّاوَيْ هذا النهْرِ من الحَفرَةِ قَوْماً يَحْفِرُون ويدُقونَ حِجَارةً موضعَ الحَفْرِ منه ويُكَسّرُونَه.
وقال أبو زيد : اكْتَلأتُ مِنَ الرَّجُلِ اكْتِلَاءً إذا ما احْتَرَسْتَ منه.
ويقال اكتلأَتْ عَيْنِي اكتِلاءً إذا حَذِرَتْ أَمْراً فَسَهِرَتْ له ولم تَنَمْ.
وقَالَ غيرُه : كَلأتُه مِئةَ سَوْطٍ كَلأً إذا ضَرَبْتَه.
ويُقَالُ : كَلأتُ إليه تكْلِيئاً أي تَقَدَّمْتُ إليه.
وأنْشد الفراء في لُغَة مَنْ لا يَهْمِزُ :
فَمَنْ يُحْسِنْ إليْهِمْ لا يُكلِّي |
إلى جازٍ بذَاكَ ولا شَكُورِ |
وقال أبو وَجْزَةَ :
فإنْ تبدَّلْتَ أو كلَّاتَ في رجُلٍ |
فلا يغُرَّنْكَ ذُو ألْفَينِ مغمورُ |
قالوا أرادَ بذِي ألْفَينِ : من له ألْفان من المالِ.
أخبرنَي المُنْذِريُّ عن الحَرَّانِيِّ عن ابن السكيت أَنّه قال : الكَلّاءُ : مُجْتَمَعُ السُّفُنِ ، ومن هذا سُمِّي كلاءُ البَصْرَةِ كلّاءً لاجْتِماع سُفُنِه.