ما بين الأحرف التي ضمها هؤلاء وبين التي فتحوها فرقاً في العربية ولا في سُنَّةٍ تتبع ، ولا أرى الناس اتفقوا على الحرف الذي في سورة البقرة خاصة ، إلا أنه اسمٌ وبقيَّةُ القرآن مصادر ، وقد أجمع كثير من أهل اللغة أن الكَرْه والكُرْهَ لغتان فبأي لغة قرىء فجائز إلا الفَرَّاء فإنه زعم أن الكُرْه ما أكرهتَ نفسَك عليه ، والكَرْه ما أكرهكَ غيرُكَ عليه ، جئتك كُرهاً وأدخلتني كَرْهاً ، وقال الزجاج في قوله : (وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) [البَقَرَة : ٢١٦] يقال كرهت الشيء كَرْهاً وكُرْهاً وكراهةً وكراهية.
وقال : وكلُّ ما في كتاب الله من الكَرْه بالفتح (فالضمُّ) فيه جائزٌ إلا هذا الحرفَ الذي في هذه الآية ، فإنَّ أبا عبيدٍ ذكر أنَّ القرَّاء مجمعون على ضمِّه ، قال الزجاج : ومعنى كراهتهم القتالَ أنهم كرهُوه على جِنْس غِلظِه عليهم ومشقته لا أنّ المؤمنون يَكْرهون فَرْضَ الله ، لأن الله لا يفعل إلا ما فيه الحكمة والصلاح.
وقال الليث في الكُرْه والكَرْه : إذا ضمُّوا أو خفضوا قالوا كُره ، وإذا فتحوا قالوا كَرْهاً تقول : فَعَلْتُه على كُرْه وهو كُرْهٌ وتقولُ : فعلته كَرْهاً ، قال : والكَرْهُ المكروه ، قلت : الذي قاله أبو العباس والزجاج فحسن جميل وما قاله الليث فقد قاله بعضهم ، وليس عند النحويين بالبيِّن الواضح. وقال أيضاً : رجل كره مُتَكَرِّه وَجَمَلٌ كَرْهٌ : شديد الرأس ، وأنشد :
كَرْهُ الحِجاجَيْنِ شديدُ الأرآد*
قال : وأمر كريه : مكروه ، وامرأة مستكرهَةٌ إذا غُصِبَتْ نفسها ، وأكرهتُ فلاناً : حملتُه على أمر هُو لَهُ كاره ، والكريهةُ الشدة في الحرب ، وكذلك كَرَايِهُ الدهر : نوازل الدهر.
أبو عبيد عن الأصمعي : من أسماء السيوف ذو الكريهة وهو الذي يَمْضي في الضَّرائِبِ.
وقال الليثُ : الكرهاءُ هي أعلى النُّقْرَةِ بلغة هذيل ، ويقال كُرِّهَ إليَّ هذا الأمرُ تكريهاً أي صُيِّر عندي بحال كراهة ، ويقال للأرض الصلبة الغليظة مثل القُفِّ وما قاربه : كَرْهَة ، وجمع المكروهِ مكاره.
اللحياني : أتيتُكَ كَراهِينَ ذلك ، وكراهيةَ ذلك ، بمعنى واحد. قال الحطيئة :
مصاحَبَةٌ على الكَرَاهِينَ فَارِكُ*
أي على الكراهَةِ وهي لغة.
رهك : أهمله الليث ، وهو مستعمل ، قال الراجز :
حُيِّيتِ من هِرِكْوَلَةٍ ضِناكِ |
جاءتْ تهزُّ المَشْيَ في ارْتهاكِ |
والارتهاكُ : الضَّعْفُ في المَشْي ، يقال : فلان يَرْتَهِكُ في مِشْيتِه ، ويمشي في ارتهاك والرَّهكَةُ : الضعف ، يقال : أرى فيه رَهْكةً أي ضَعْفاً.
أبو عبيد عن الأصمعي : التَّرْهُوكُ : هو الذي كأنه يَمُوجُ في مِشيته وقد تَرَهْوَكَ.
وفي «النوادر» : أرض رَهِكَةٌ وهَيْلَةٌ وهَيْلاءُ وهارَةٌ وهَوِرَةٌ وهَمِرَةٌ وهَكَّةٌ ، إذا كانت ليِّنة خَبَارَاً.