والقول أنها من المتشابهات التي استأثر
الله تعالى بعلمها ، ولا يعلم تأويلها إلا هو ، هو المروي عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام في رواية أهل السنة .
وقد أنكر المتكلمون هذا القول ، وردوا
هذا الزعم ، فقالوا : لا يجوز أن يرد في كتاب الله ما لا يفهمه الخلق لأن الله أمر
بتدبره ، والاستنباط منه ، وذلك لا يمكن إلا مع الإحاطة بمعناه .
بينما أيدّه من المتأخرين كل من مالك بن
نبي فقال :
« ولسنا نعتقد بإمكان تأويلها إلا إذا
ذهبنا إلى أنها مجرد إشارات متفق عليها ، أو رموز سريّة لموضوع محدد تام التحديد ،
أدركته سراً ذات واعية ... .
والسيد عبد الأعلى الموسوي السبزواري
فقال :
« والحق أنها بحسب المعنى من المتشابهات
التي استأثر الله تعالى العلم بها لنفسه ، فلا يلزم الصاد الفحص عن حقيقتها ، وبذل
الجهد في إدراكها وفهمها بل لا بد من إيكال الأمر إليه تعالى » .
الثاني
: أن المراد منها معلوم ، ولكنهم
اختلفوا فيه بعدة آراء تتفاوت قيمة ودلالة وموضوعية ، وقد تداعت كلمات الأعلام في
هذه الآراء حتى نقل الخلف عن السلف ، واستند اللاحق إلى السابق بنسبة إليه وبدون
نسبة.
ونحاول فيما يلي أن نعطي كشفاً منظّماً
بأبرز هذه الآراء ، ونعقبها بما نأنس به ، ونطمئن إلى مؤاده باعتباره جزءاً من
كليّ فرائدها ، دون القطع بأنه مراد الله منها ، أو القول به .