الصوت الحديث جزءاً
ذا بال ، وخوصه لما يعرض على حروف من حذف وترخيم وإعلال وإبدال وإدغام وإشمام ،
يضاف إلى هذا رهافة صوتية متأنقة ، وذهنية لغوية وقادة ، تمازج بين اللغة والصوت
فتخالهما كياناً واحداً متماسكاً يشد بعضه بعضاً ، ومقارنة هذه المناحي وملاحظتها
، تجده يبتكر مصطلح ( علم الأصوات ) ويضعه موضع البحث الموضوعي الهادف ، لهذا فإن
ماتواضع عليه ابن جني من مصطلح علم الأصوات ، يمكن أن يكون الأصل الاصطلاحي الأول
لما استقر عليه المصطلح الأوروبي ( الفونولوجي ـ phonology ) : التشكيل
الأصواتي ، وهو يعني كل العناية بأثر الصوت اللغوي في تركيب الكلام نحوياً وصرفياً
في ضوء الصوت والإيقاع لدى بحثه المصطلح ، والذي تطور فيما بعد للكشف عن الأصوات
الإنسانية العالمية المجهولة ، ووضع لذلك مصطلحه الحديث ( الفوناتكس ـ phonetics ).
تقسم الصوت بين العرب والأوروبيين :
لقد اتسم العرب بدقة الملاحظة ، وسلامة
الحس الفطري ، في تذوق الأصوات ، فقسموا الحروف إلى طائفتين صوتيتين :
الأصوات الصائتة ، والأصوات الصامتة.
فحروف العلة في المعجم العربي وهي : الياء والواو والألف من الصوائت ، وبقية حروف
المعجم من الصوامت ، وقد أدركوا جميع الملامح التي ميزت بين هذه الأصوات ، فانقسمت
عندهم إلى مجهورة ومهموسة تاره وإلى رخوة وشديدة تارة أخرى ، وإلى أسنانية ولثوية
مرة ، والى حنكية ولهوية مرة ، ومن ثم تجد الإشارات الصوتية في كل ملحظ من ملاحظ
الأصوات المترامية لدى التقسيم.
يقول الأستاذ ( كاردنر ـ W. H.T. cairdener ) : « لقد سبق العلماء العرب الأصواتيين المحدثين في تصنيف
الأصوات حيث أشاروا إلى الأصوات الأسنانية والحنكية واللهوية واللثوية من الصوامت
، وقدموا ملاحظاتهم المضبوطة عن المواقع الدقيقة للّسان والحنك متمثلة بأصوات
متعددة ... وسلموا بصحة اندراجها تحت فصيلتين هما المجهورة والمهموسة ، وللعرب
معرفة كبيرة بالتقسيم الثاني الأساسي للأصوات الصحيحة ، حيث يسمّون القسم الأول
حروف الشدة ، ويقصدون به