يبدو أن إلحاق هذه الألف في « الظنون »
« السبيل » « الرسول » يشكل تلقائياً ظاهرة صوتية تدعو إلى التأمل ، وإلا فما يضير
الفتح لولا الملحظ الصوتي « لأن فواصل هذه السورة منقلبة عن تنوين في الوقف ، فزيد
على النون ألف لتساوي المقاطع ، وتناسب نهايات الفواصل » .
وما يقال هنا يقال فيما ورد بسورة
القارعة في زيادة هاء السكت وإلحاقها في «هي » لتوافق الفاصلة الأولى الثانية في
قوله تعالى : (
وما ادراك
ما هيه * نار حامية ) .
وهيا إلى سورة الحاقة وانظر إلى هاء «
السكت » في إضافتها وإنارتها في جملة من آياتها ، فتقف خاشعاً مبهوراً ، تمتلك هزة
من الأعماق وأنت مأخوذ بهذا الوضع الموسيقي الحزين ، المنبعث من أقصى الصدر وأواخر
الحلق ، فتتقطع الأنفاس ، وتتهجد العواطف ، واجمة ، متفكرة ، متطلعة ، فتصافح
المناخ النفسي المتفائل حيناً ، والمتشائم حيناً آخر ، وأنت فيما بينهما بحالة
متأرجحة بين اليأس والرجاء ، والأمل والفزع ، والخشية والتوقع ، فسبحان الله
العظيم حيث يقول :
(
يومئذ
تعرضون لا تخفا منكم خافية * فأما من أوتي كتابه
بيمينه فيقول هاؤم أقرءوا كتابيه * أني ظننت أنى ملاق
حسابيه * فهو في عيشة راضية *
في جنة
عالية * قطوفها دانية *
كلوا
واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية *
وأما من
أوتي كتابه بشماله فيقول ياليتني لم أوت كتابيه *
ولم أدر ما
حسابيه * ياليتها كانت القاضية *
مآ أغنى
عني ماليه * هلك عني سلطانيه ) .
فأنت تلاحظ الفواصل : كتابيه ، حسابيه ،
كتابيه ، حسابيه ، ماليه ، سلطانيه ، قد أزيدت فيها هاء السكت رعاية لفواصل الآيات
المختومة بالتاء القصيرة والتي اقتضى السياق نطقها هاء للتوافق.
وما زلنا عند الهاء ، فتطلع إليها ، وهي
ضمير ملصق بالفواصل ،غير زائد بل أصلي الورود ، وقد حقق بذلك وقعه في النفس ،
وجرسه في
__________________