بالأطباق والاستعلاء
، واشتركت مع السين في الهمس ، وانفردت الزاي بالجهر ، واشتركت مع السين في
الانفتاح والاستغال. فإذا أحكم القارىء النطق بكل حرف على حدته موفّى حقه ، فليعمل
نفسه بأحكامه حالة التركيب لأنه ينشأ عن التركيب ما لم يكن حالة الإفراد ، بحسب ما
يجاورها من مجانس ومقارب ، وقوي وضعيف ، ومفخّم ومرقق ، فيجذب القوي الضعيف ،
ويغلب المفخم المرقق ، ويصعب على اللسان النطق بذلك على حقه ، إلا بالرياضة
الشديدة ؛ فمن أحكم صحة التلفظ حالة التركيب ، حصل حقيقة التجويد « .
حقاً لقد أعطى ابن الجزري مواطن تنفيذ
الأداء القرآني على الوجه الأكمل بما حدده من خصائص كل حرف في المعجم ، وما لخصه
من دراسة صوتية لمواضع الأصوات ومدارجها في الانفتاح والاستفال ، والجهر والهمس ،
والشدة والرخاوة ، والتفشي والاستطالة يساعد على تفهم الحياة الصوتية في عصره ،
ولا يكتفي بهذا حتى يربطها بعلم الأداء في حالة تركيب الحروف ، وتجانس الأصوات قوة
وضعفاً.
بقي القول أن علم الأداء القرآني يرتبط
بالأصوات في عدة ملاحظ كالوقف وقد تقدم ، والإدغام وسيأتي ، ونشير هنا إلى ملحظين
هما الترقيق والتفخيم ، فالترقيق مرتبط بحروف الاستفال ( الحروف المستفلة ) لأنها
مرققة جميعاً. والتفخيم مرتبط بحروف الاستعلاء ( الحروف المستعلية ) لأنها مفخمة
جميعاً ، وقد سبقت الإشارة في موضعها إلى الامالة والاشمام.
وما قدمناه ـ عادة ـ قد يصلح مادة
أساسية للاستدلال على صلاحية الرأي القائل بأن علم الأداء القرآني في قسيميه
الأساسيين : عبارة عن جزء مهم من كلي الصوت اللغوي في القرآن ، لارتباطه بعلم
الأصوات ارتباطاً متماسكياً لا يمكن التخلي عنه ، فهو ناظر إلى مخارج الحروف
وتجويدها ، والمخارج بأصنافها تشكل مخططاً تفصيلياً لأجهزة الصوت ، وكل حرف ينطلق
من حيزه صوتاً له مكانه وزمانه ، ساحته ومسافته.
__________________