لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) ١٩ [الذّاريَات : ١٩] قال : (السائلُ) : الذي يسألُ الناسَ ، و (المحروم): المُحَارَفُ الذي ليس له في الإسلام سَهْمٌ ، فهو مُحَارَفٌ. قالَ وأخْبَرَنا الزعْفرانيُّ عن الشافِعِيِّ أنه قال : كُلُّ من استغْنَى بكَسْبِه فليس له أن يسألَ الصدقَةَ وإذا كان لا يبلغ كسبه ما يُقِيمُه وعيالَه فهو الذي ذكر المفسِّرُونَ أنَّه المحرومُ المُحَارَفُ. قال : والمُحَارَفُ : الذي يَحْتَرِفُ بيديه قد حُرِمَ سهْمَه من الغنيمة لا يَغْزُو مع المسلمين فبقي محروماً يُعْطَى من الصدقةِ ما يَسُدّ حِرمَانَهُ. وجاء في تفسير قول الله جلّ وعز : (لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) أنّ المحرومَ هو المُحَارَفُ ، والاسْمُ منْهُ الحُرْفَةُ بالضَّم ، وأما الحِرْفَة فهو اسم من الاحْتِرَافِ ، وهو الاكتسابُ ؛ يقال هو يَحْرِفُ لعياله ويَحْتَرِفُ ، وَيَقْرِشُ وَيَقْتَرِشُ ، ويَجْرَحُ ويَجْتَرِحُ : بمعنى يَكْتَسِبُ.
ثعلبُ عن ابن الأعرابيِّ قال : أَحْرَفَ الرجُلُ إذا جازَى على خيرٍ أو شَرٍّ. قال ومنه الخبرُ : «إن العبدَ ليُحَارَفُ على عَمَلِه الخيرَ والشرَّ». قال : وأحرف إذا استغنى بعد فقر وأحرف الرجل إذا كدّ على عياله أبو عُبَيْدة عن أبي زيدٍ : أحْرَفَ الرجُلُ إِحْرَافاً إذا نَمَا مَالُه وصَلَح.
رحف : أهمله الليث وهو مستعمل.
روى أبو العباس عن ابن الأعرابيِّ أنه قال : أَرْحَفَ الرجلُ إذا حدَّد سكّيناً أو غيرَه يُقَالُ : أَرْحَفَ شَفْرَتَهُ حتى قَعَدَتْ كَأَنَّها حَرْبَةٌ. ومعنى قَعَدَتْ أي صَارَتْ. قلتُ كَأَنَّ الحاءَ مُبْدَلَةٌ من الهاء في أَرْحَفَ ، والأصْلُ أَرْهَف. وسيفٌ مُرْهَفٌ وَرَهِيفٌ أي مُحَدَّدٌ.
حفر : قال الليث : الحُفْرَةُ : ما يُحْفَرُ في الأَرْضِ ، ومثله الحَفِيرَةُ ، قال : والحَفَرُ اسمُ المَكَانِ الذي حُفِرَ كخَنْدَقٍ أو بِئْرٍ ، قال وكذلك البئرُ إذا وُسِّعَتْ فَوْقَ قَدْرِها تُسَمَّى حَفِيراً وحَفَراً وحَفِيرَةً ، قال : وحَفِيرٌ وحَفِيرَةٌ اسْمَا مَوْضِعَين ذكَرَهُمَا الشعراءُ القدماءُ.
قلتُ : والأَحْفَارُ المَعْرُوفَةُ في بلادِ العربِ ثلاثَةٌ : فمنها حَفَر أَبي موسى ، وهي رَكَايا احْتَفَرَهَا أَبُو مُوسَى الأشْعَرِيُّ على جَادَّة البَصْرة وَقَدْ نَزَلْتُ بها واستَقَيْتُ من رَكَاياها وهي ما بين مَاويَّةَ والمَنجَشَانِيَّاتِ وركايا الحَفَر مَسنَوِيَّةٌ بعيدة الرِّشَاء عَذبَةُ الماءِ ، مَسْنَوِيَّةٌ أي يستقى منها بالسانية وهذا كقولهم زرع مَسْقَوِيّ أي يُسْقَى. ومنها حَفَرُ ضَبَّةَ : وهي ركايَا بِنَاحيةِ الشَّوَاجِن بعيدةُ القَعْرِ ، عَذْبَةُ الماءِ. ومنها حَفَرُ سَعْدِ بنِ زَيْدِ مَنَاةَ ابن تميم ، وَهيَ بِحِذَاء العَرَمَة وَرَاءَ الدَّهْنَاءِ ، يُسْتَقَى منها بالسانيَة عِنْدَ حَبْلٍ من حِبَالِ الدَّهْنَاءِ ، يقال له حَبْلُ الحَاضِر.
وقال الفرَّاءُ في قول الله جل وعز (أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ* أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً) (١١) [النَّازعَات : ١٠ ، ١١] معناه إنّا لمَرْدُودُون إلى أَمرنا الأوّل إلى الحياة. قال : والعربُ تَقُولُ : أَتَيْتُ فُلاناً ثمَّ رَجَعتُ علَى حَافِرَتِي : أيْ رَجَعْتُ مِنْ حَيْثُ جئتُ. قالَ : ومن ذَلِكَ قَوْلُ العَرَبِ : النقد عِنْدَ الْحَافِرَةِ. والحافر معناهُ إذا قَال قَدْ بِعْتُك