وفي حديث
حُذَيفة أنه قال : «القُلوبُ أربعة : فقلْبٌ أغلفُ ، فذاك قلب الكافر ، وقلبٌ
مَنكوسٌ فذاك قلب رجع إلى الكُفر بعد الإيمان ، وقلبٌ أَجْرَدٌ مثل السِّرَاج
يَزْهَر فذاك قلب المؤمِن ، وقلب مُصْفح
اجتمعَ فيه
النِّفاق والإيمانُ ، فَمَثَل الإيمان فيه كمَثلِ بَقْلَةٍ يُمِدُّها الماءُ
العَذْب ، ومثَل النفاق فيه كمثل قَرْحَة يُمِدُّها القَيْحُ والدّم ، وهو
لأيِّهما غَلَب».
وقال شمر فيما
قرأتُ بخطِّه : القلب المُصْفَح
، زعم خالد أنه
المُضْجع الذي فيه غلّ ، الذي ليس بخالص الدِّين.
وقال ابن
بُزرْج : المُصفَح : المقلوب. يقال : قلبْتُ السيف وأَصْفَحْتُه وصابَيْتُه. فالمُصفَحُ
والمُصابَى :
الذي يُحَرَّف عن حَدِّه إذا ضُرِب به ويُمَال إذا أرادوا أن يغمدوه.
قال : وقال أبو
عمرو وغيره : ضَرَبه بالسيف مُصْفَحاً إذا ضَرَبه بعُرْضه.
وقال
الطِّرِمَّاح :
فلمَّا
تناهتْ وهي عَجْلَى كأنها
|
|
على حَرْفِ
سيفِ حَدُّه غير مُصْفَح
|
قال : وقال
بعضهم : المُصْفَح : العَرِيض الذي له صفحاتٌ
لم تستقم على
وَجْه واحد كالمُصْفَح من الرُّؤُوسِ له جوانِب. قلت : والذي عِنْدِي في القلب المُصْفَح أنَّ معناه الذي له صَفْحَان
أي وجهان يَلقى
أهل الكُفْرِ بوجه ، ويلقى المؤمنين بوجه. وصَفْحُ
كلِّ شيء :
وجهه وناحيتُه ، وهو معنى الحديث الآخر : «من شَرِّ الرجال ذو الوجهين الذي يأتي
هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه» وهو المنافق.
ويقال : صَفَحَ فلانٌ عنِّي أي أَعْرَضَ بوجههِ وَوَلَّاني وَجه قَفاه.
وأنشد أبو
الهيثم :
يَصْفَحُ
للقِنَّة وجهاً جَأْبا
|
|
صَفْحَ
ذِرَاعَيْه لِعَظْمٍ كَلْبَا
|
قال : وصف حبلا
عرّضه فاتِلُه حين فتله فصار له وجهان ، فهو
مَصْفُوحٌ أي عريضٌ ،
وقوله : صَفْح ذراعيه أي كما يبْسُط الكلب ذِراعيْه على عَرْقٍ يُوَتِّدُه
على الأرض بذراعيه يَتَعَرَّقه ، ونصب كلباً على التفسير.
قال : وصَفْحَتا العُنُق : ناحيتاه ، وصَفْحَتا الوَرَق : وجهاه اللذان يُكْتَبُ فيهما فجعل حُذَيفَة
قلب المنافق الذي يأتي الكُفار بوجه وأهل الإيمان بوجه آخر ذا وجهين. وقال رجل من
الخوارج : «لنَضْرِبَنَّكم بالسيوف غير
مُصْفَحات» يقول :
نضْرِبُكم بحدّها لا بِعُرْضها.
وقال الشاعر :
تُحَيْتَ
مناطِ القُرْط من غير مُصْفَحٍ
|
|
أجاد به خَدّ
المُقَلَّد ضَارِبُه
|
ويقال : أتاني
فلان في حاجة
فأصفَحْتُه عنها إصفَاحاً إذا طلبها فمنَعْتُه.
والمُصَفَّحَات : السيوف العريضة وهي الصَّفائحُ
واحدتُها صفيحة.
وقال لبيد يصف
السحاب :
كأنَ
مُصفَّحَاتٍ في ذُراه
|
|
وأَنْوَاحاً
عَلَيهن المآلي
|