ضرورة أبنائها وأطالت أيام شقائهم المؤلم وجدت أحدها وأكبرها ما اعتدتموه مدفوعين إليه بالجهل من القتل والنهب اللذين تسمونهما (الغزو).
فأردت أن أقول لكم في بلاغي هذا كلمات تفهمكم ما لهذا الاعتياد الذميم من الضرر الفادح وتنذركم لو نفعكم الإنذار بما له من وخيم العاقبة وسوء المصير.
هلّا فهم رؤساؤكم وعقلاؤكم في كل هذه السنين أن الغزوات التي تنتهي تارة بالغلبة وأخرى بالخيبة والفشل تحرم كثيرا من الأبناء آباءهم وكثيرا من الآباء أبناءهم وتسلب الأموال والمواشي من أيدي أصحابها سلبا قاسيا وتتلفهما إتلافا مستمرّا.
كلكم بحمد الله تعالى موحّدون ألا يجب أن تعرفوا أن جزاء الذي يقتل النفس التي حرم الله وينهب أموال الناس ويعيث في الأرض فسادا أن يذوق يوم القيامة عذاب الجحيم ويصلى سعيرا.
هل يتصور وجود مسلم عاقل يقرأ بعيني بصيرته قوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا ..) [الحجرات : ١٠] ثم هو لا يدعو الناس إلى السلم والوفاق أو مؤمن يقرأ وعيده بقوله تعالى : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها ..) [النساء : ٩٣] ثم هو يتجرأ على سفك دم أخيه المؤمن.
إنكم بعملكم الفظيع هذا لتستحقون غضب المنتقم الجبّار وإنكم بعملكم هذا لتخسرون في يوم واحد بل في ساعة واحدة جلّ أموالكم التي جمعتموها بأتعاب أعوام طوال تفقدون أبناءكم الذين ربيتموهم على أفخاذكم وفي أحضان أمهاتهم وزوجاتكم طوال السنين حتى شبّوا فكانوا رجالا.
وإذا كنتم مسلمين وعثمانيين معا فإنكم بعملكم هذا المجحف