فريق من شمر مضى إلى أنحاء بغداد ، وآخر مضى إلى شهرزور وتحارب مع الكرد فانهزم ، وفريق آخر مال إلى الشرقاط فهاجم إسماعيل باشا على حين غرة ، وباغتهم على غفلة .. فنكّل بهم ، وأما الفريق الآخر المتوجه نحو بغداد فقد وجد الجيوش متأهبة لحربه ، وأن النقاط المهمة قد استولى الجيش عليها وأخذ مواقعه فيها فلم يجد ملجأ إلا الآبار في الجزيرة ، وكانوا يعلمونها .. وكانت قد يبست .. فمات غالب هؤلاء عطشا ..
أما الشيخ عبد الكريم فإنه فر بمن بقي معه وهم نحو ألفي خيال فعبر الفرات وسار إلى جبل شمر ، موطن أجدادهم الأصلي .. وحينئذ كتب مدحت باشا إلى ابن رشيد أن لا يؤويه ، وهدده بكتاب منه أرسله إليه .. وكذا وجد الطريق قد سدت في وجهه سواء في الحلة أو في الفرات ، ووجد الجيوش أمامه متأهبة لقتاله فلم يستطع أن يلجأ إلى محل ما من هذه .. فاضطر أن يسكن نجدا ، ويتغيب بين عشائرها ..
ولما مر من المنتفق ألقى القبض عليه ناصر باشا مجروحا وسلمه إلى بغداد ، ومن ثم شوهد أن ناصر باشا قام بخدمات عظيمة في هذا الباب ، وأدى ما يجب وزيادة ..
أجريت محاكمة الشيخ عبد الكريم علنا في بغداد لدى مجلس التمييز ، فحكم بإعدامه ، ولما كان من أصحاب الرتب أرسل الأعلام والمضبطة وقدما إلى الباب العالي ، وبعد قليل أرسل الشيخ عبد الكريم إلى استنبول وفي الطريق أثناء وصوله إلى الموصل جاء الأمر بإعدامه فصلب في الموصل.
وفي الحروب قتل إخوته ممن على شاكلته ، وكان الشيخ فرحان أخوه لم يقم بما يشوش الأمن ، ويقلق الراحة ، فاختير لرئاسة العشيرة فصار شيخ مشايخها وكان قد ذهب إلى استنبول ، ودرس هناك ..