وفي ٢ جمادى الأولى سنة ١٢٨٦ ه سار إلى المنتفق وعين عبد الرحمن بك قائممقام الهندية معاونا له ، وعبد القادر الآلوسي نائبا ، والحاج سعيدا محاسبا. وكان هذا الأخير من موظفي المحاسبة في الألوية .. وعاد ناصر باشا إلى المنتفق لإجراء التشكيلات وذهب سليمان فائق إلى البصرة ، وكان أمله مصروفا أن يستخدم في وظائف مهمة ، ويلتحق بدائرة الوالي ولكن بتسويل من بعضهم نصب متصرفا للحلة ..
إن قبائل المنتفق من أعظم عشائر العراق. يمتدون من الحلة والديوانية والسماوة حتى البصرة وأراضي الحويزة ، وكذا لواء العمارة غالبه منهم يقيمون بصرائف من قصب وأكواخ من بردي ..
ويرأس هذه القبائل أحد مشايخها مستقلا ويقال لأراضيهم (المنتفق) (١). تعطى للرئيس بالالتزام ، فيتحكم بها ، واستمر هذا الحال إلى أيام الوزير رشيد باشا الگوزلگي. وفي زمانه ، وفي أيام نامق باشا قد أفرزت منها بعض المواطن فألحقت بما جاورها من الألوية كالديوانية والبصرة ، وكانت توضع بالمزايدة لكل ثلاث سنوات مرة ، وبسبب الضم على بدل المزايدة في كل مرة تزايد مقدار التزامها ، فكانت الاستفادة للحكومة مضاعفة من ناحية الزيادة ومن اقتطاع الأقسام ..
إن هذه الحال لم تجعل للحكومة تدخلا في الإدارة ولا رفّهت على الأهلين ، فلم يحصل الغرض من الإحالة .. ومن جهة أخرى إن الشيوخ يتحكمون بما لا يأتلف وإرادة الدولة .. ولكنهم يتشكون ويرثون لحال الأهلين .. في حين أن الزيادة والاقتطاع كان منهم بسبب حرصهم الزائد.
أرادت بهذا الحكومة التنديد وأن تبين الحالة المعتادة للمشايخ والقواعد التي ساروا عليها (٢) فقالت : كان هؤلاء الشيوخ يحيلون كل
__________________
(١) تسمت باسم من حلها من عشائر المنتفق. وأصل المنتفق اسم جد لهذه العشائر.
(٢) الزوراء عدد ١١.