وكان معاون الوالي (تويسز رائف) أي رائفا الأمرد قد أعلن أن المنتفق لم تكن لدولة أخرى ، فتؤخذ لأقل وسيلة وأدنى سبب ، ولا معنى لاقتطاع قسم من المنتفق ، ثم آخر ، وهذا أشبه بمن يأخذ من أحد جيبيه ليضع في الآخر ، فيعد نفسه قد ربح .. فلا وجه لإفراز قسم من المنتفق وإبقاء سائره بيد الشيوخ ، فإن أفندينا (يريد الوالي) جعل المنتفق لواء وقرر أن تجري فيه التشكيلات اللازمة كسائر الألوية ، وسيوجه هذا اللواء إلى ناصر باشا ، فيكون متصرفه ، ونظرا لقرب بعض المواقع من البصرة ، ومن العمارة تلحق بهذه الألوية. ومن ثم ينجو العشائر والأهلون من غوائل المنتفق ، وتزول التعديات ..
أعلن المعاون ذلك وعين رغبة دولته.
قال الأستاذ سليمان فائق : ذهبت المذاكرات سدى بيني وبين الوالي بهمة من رائف بك ووساطة من اليهودي المسمى (عزرة الصراف) ، وكان يستخدم واسطة الرشوة من الموظفين ، وهو من الأبالسة الذين يسترقون السمع. جاء إلى ناصر باشا للترحيب به ، وكان يتخذ أطوارا غريبة للوصول إلى غرضه ، فتمكن من استهوائه وبعث فيه الأمل في ربح قضيته ، وأن يجعله المنتصر في هذه المعمعة .. وفي اليوم التالي صدر القرار المذكور .. ولم يكتف الأستاذ بهذا ، وإنما أبدى استغرابه من توصل اليهودي في خلال ثلاثة أيام أن يولّد الصداقة والوئام ..
ومهما كانت الأوضاع وخفاياها فقد جاء الحل خلاف رغبة الأستاذ سليمان فائق ، فصار يضرب أخماسا بأسداس تأييدا لصحة فكرته .. فلم ير ناصر باشا بدا من الإذعان لأمر الوالي إذ لا طائل وراء معاكسة الحكومة للأسباب التي كانت ترد لخاطره لا سيما أن أقاربه في تزاحم ونضال على المنصب فكان يخشى أن يقبل غيره بذلك فيخسر الصفقة ..