تطهير الفرات :
وكانت آمال مدحت باشا مصروفة إلى أن يتخذ طريقا في الفرات لتأمين الوسائل الثقيلة لتتكامل مخارج التجارة ، وتتبادل المنتوجات.
حاول أن يأتي بالمراكب من (پيره جك) التي أتمها هناك إلا أن غرق هذه المراكب وتلفها قد كوّن قضاء مبرما وإلا فإن نهر الفرات جسيم ، ومن مسكنة إلى البصرة كانت مياهه صالحة لسير السفن ، وأكبر عارضة في طريقها كانت بين قصبة هيت وعانة ، وغالب هذه متأتية من الأبنية القديمة في النهر ، وكذا من الكرود القديمة وبقايا أنقاضها وانهدامها. فذهب مدحت باشا إليها بنفسه ، وعلم أنها قابلة للإصلاح والتعمير وأن شاكر بك (١) مأمور النافعة لولاية بغداد ذهب في السنة التالية ، ومعه مركبان خصصتا له وما يكفي من مهندسين وأرباب وقوف لكشف جميع مواطن الفرات ..
وهذا أجرى التحقيقات ، وحصل على معلومات كافية ، وبيّن أن الفرات قابل لأن يعمر ، ويعد للانتفاع ، فقام بإزالة الموانع ، وبدأ من هيت وزاول تطهير العوارض في أنحاء جزائر الفليوي وجبّة وألوس إلا أن الفرات في أكثر محاله يشاهد الجريان فيه قويا وشديدا ، فلم يتيسر تخفيف هذه القوة إلى الدرجة المطلوبة. فكانت لا تزيد سرعة هذه المراكب عن ١٢ ميلا بل تسحب قليلا من الماء ، فعزمت الحكومة أن توصي بعمل مركب من نوع المراكب التي تستعمل في النمسا في المجاري القوية (٢). يكون لها أربعة دواليب وسرعة زائدة .. ولكن إنشاء مثل هذا المركب يحتاج إلى وقت طويل ، بحيث لا يأتي بصورة (أجزاء)
__________________
(١) هو المشير شاكر بك.
(٢) سورة المياه تعرف بالدردور وبالتيار. ويسميها العوام (السويرة) و (السوارة) و (الخورة).